أقول: وهذا غير مخلص من الاضطراب في الرواية أيضا، لأن الجمع يكون بين روايتين مختلفتين، لا بين اضطراب للفظ في رواية واحدة ذات أصل واحد.
قال: وقد جمع بعض أهل العلم بينهما بالحمل على صلاتين مختلفتين، ونظير هذا الاختلاف اختلاف رفع اليدين حذو المنكبين وحذو الأذنين في الصلاة.
أقول: هذه مجرد دعوى، فالرواية واحدة، والرواة متحدون، وإذا جاز الحمل على صلاتين مختلفتين، جاز حمل روايات الضم على أنها في النافلة عند التعب، وأن الإرسال في الفريضة هو المشروع، ونحو ذلك، وهم لا يقبلونه.
العلة الثالثة أن في سنده انقطاعا؛ لأن جميع رواياته إما من طريق علقمة أو عبد الجبار ابني وائل، وقد اختلف في صحة سماعهما من أبيهما. وإما من طريق كليب بن شهاب، أو أناس من أهل بيت عبد الجبار وهم مجاهيل لا يعرفون، ولعل هذا ما جعل البخاري يتجنب ذكر هذه الرواية في صحيحه.
* أما علقمة بن وائل، فأحاديثه عن أبيه مرسلة.
قال ابن معين: لم يسمع من أبيه شيئا(1).
وحكى العسكري عن ابن معين أنه قال: علقمة بن وائل، عن أبيه مرسل(2).
ونص أبو بكر البزار على أن القائل: كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي. هو علقمة بن وائل، لا أخوه عبد الجبار(3).
وذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من أهل الكوفة(4).
قال ابن حجر: لم يسمع من أبيه(5).
وكذبه ورد روايته، عن أبيه إبراهيم النخعي، وذلك في الحديث الذي رواه عن أبيه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا افتتح الصلاة كبر.. إلخ(6).
* وأما عبد الجبار بن وائل، فقال الآجري: قلت لأبي داود سمع من أبيه، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مات أبوه وهو حمل.
صفحه ۵۹