سبيل الرشاد وهو الصراط المستقيم الذي أنعم الله به على النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فلا محيد له عن ذلك، ومستهل الهداية دخول الدليل إلى الفؤاد والانبساط له كما يراد، ثم خفة الطاعة بعد القيام بمعنى الشهادتين والحمد على الخروج من ساحة الإضاعة ونور البصيرة وجلاء عين السريرة والسلوك في مدارج السالكين، ومناهج المتقين، والسفر إلى أعلى عليين، ومحبة أرحم الراحمين، والإقتداء بأفضل المرسلين، وأما من كان من الضالين- أي الهالكين الغائبين- عن الهدى الزائغين عنه بتقدير الله عليه ذلك فلا هادي له مصداقه قوله تعالى: {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا} بل قلبه عن الحق مقفل قد نابذ جميع أوامر الله عز وجل، وانتقش في خاطره الكثيف بغض الحق وأهله، وامتلأ قلبه وقالبه بحب الباطل وأهله، والشيطان وحزبه والتلذذ بكل نوع من الطغيان، فنفرت منه كل جارحة عن حزب الرحمن، لا شيء أحب إليه من إطفاء نور الإيمان وتكثير جند الطغيان، وفي المعنى يقول الرحمن: {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء} وهذه الآية على هؤلاء أشد بلية وأجل رزية، فإنهم يحاولون بجدهم وجهدهم إغواء المؤمنين، ونقض عهدهم مع الموحدين ليراجعوا إلى ما هم عليه من الباطل والطغيان. ومن ذاق طعم الإيمان لأن يقذف في النار أحب إليه من أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه رب العالمين. فحلاوة الإيمان لا ألذ منها عند الموحدين، ثم النصر والتأييد لهم في كل حين. وحزب الشيطان يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون. والمهتدي إذا صارت نفسه لوامة خاف من مورثات الندامة فحزن على ما فات وخاف مما هو آت. ومقام الخوف من أجل المقامات {ولمن خاف مقام ربه جنتان} {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى} وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه أخوف الأمة لمولاه. فلينظر الإنسان من أي الفريقين هو أمن حزب الرحمن، أم من أولياء الشيطان الذين لم ينقادوا لإتباع ما جاءت به الرسل فقلب قلبه عن الحق بعدم الانقياد كما قال تعالى {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة} وكقوله: {كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون} فجعل علة التقليب والطبع عدم الانقياد لاتباع ما جاءت به الرسل، وذلك أنه تعالى قد فطر عباده على الهدى فمن بقي على الفطرة وقبل ما جاءت به الرسل زاده هدى ولطفا وتوفيقا. ومن
صفحه ۱۹