133

فما لك نفس بعدها تستعيرها ولا تقرب الأمر الحرام فإنما

حلاوته تفنى ويبقى مريرها(379)

وكان سفيان الثوري×يتمثل بهذين البيتين:

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها

من الحرام ويبقى الإثم والعار

تبقى عواقب سوء في مغبتها

لا خير في لذة من بعدها النار(380)

وقال اليزيدي: دخلت على هارون الرشيد، فوجدته مكبا على ورقة ينظر فيها مكتوبة بالذهب، فلما رآني تبسم، فقلت: فائدة أصلح الله أمير المؤمنين، قال: نعم، وجدت هذين البيتين في بعض خزائن بني أمية، فاستحسنتهما، فأضفت إليهما ثالثا فقال ثم أنشدني:

إذا سد باب عنك من دون حاجة

فدعه لأخرى ينفتح لك بابها

فإن قراب البطن يكفيك ملأه

ويكفيك سوءات الأمور اجتنابها

فلا تك مبذالا لدينك واجتنب

ركوب المعاصي يجتنبك عقابها(381)

هذا وسيأتي مزيد بيان لهذا المعنى فيما بعد.

12_ هجر العوائد: فالعوائد هي السكون إلى الدعة والراحة، وما ألفه الناس واعتادوه من الرسوم، والأوضاع، التي جعلوها بمنزلة الشرع المتبع، بل هي عندهم أعظم من الشرع؛ فإنهم ينكرون على من خرج عنها وخالفها ما لا ينكرون على من خالف صريح الشرع.

والوصول إلى المطلوب موقوف على هجر العوائد؛ لأنها من أعظم الحجب والموانع بين العبد، وبين النفوذ إلى الله ورسوله"(382).

13_ هجر العلائق: قال ابن القيم×: =وأما العلائق فهي كل ما تعلق به القلب دون الله ورسوله من ملاذ الدنيا، وشهواتها، ورياساتها، وصحبة الناس، والتعلق بهم.

ولا سبيل إلى قطع هذه الثلاثة ورفضها إلا بقوة التعلق بالمطلب الأعلى، وإلا فقطعها بدون تعلقه بمطلوبه ممتنع؛ فإن النفس لا تترك مألوفها ومحبوبها إلا لمحبوب هو أحب إليها منه، وآثر عندها منه.

وكلما قوي تعلقه بمطلوبه ضعف تعلقه بغيره وكذا بالعكس.

والتعلق بالمطلوب هو شدة الرغبة فيه، وذلك على قدر معرفته به، وشرفه، وفضله على ما سواه+(383).

صفحه ۱۳۳