توبه
التوبة وظيفة العمر
ژانرها
ولا ريب أن هذا من أعظم المحبة، فإن الإنسان لا يقدم على محبة نفسه وحياته شيئا، فإذا قدم محبة الإيمان بالله على نفسه بحيث لو خير بين الكفر وإلقائه في النار لاختار أن يلقى في النار ولا يكفر_كان الله أحب إليه من نفسه.
وهذه المحبة هي فوق ما يجده سائر العشاق والمحبين من محبة محبوبهم، بل لا نظير لهذه المحبة، كما لا مثل لمن تعلق به، وهي محبة تقتضي تقديم المحبوب فيها على النفس والمال والولد، وتقتضي كمال الذل، والخضوع، والتعظيم، والطاعة، والانقياد ظاهرا وباطنا.
وهذا لا نظير له في محبة مخلوق ولو كان المخلوق من كان+(277).
وقال×: =والعشق إذا تعلق بما يحبه الله ورسوله كان عشقا ممدوحا مثابا عليه، وذلك أنواع:
أحدها: محبة القرآن؛ بحيث يغنى بسماعه عن سماع غيره، ويهيم قلبه في معانيه، ومراد المتكلم_سبحانه_منه.
وعلى قدر محبة الله تكون محبة كلامه؛ فمن أحب محبوبا أحب كلامه+(278).
وقال: =وكذلك محبة ذكره_سبحانه وتعالى_من علامة محبته؛ فإن المحب لا يشبع من ذكر محبوبه، بل لا ينساه؛ فيحتاج إلى من يذكره.
وكذلك يحب سماع أوصافه وأفعاله وأحكامه؛ فعشق ذلك كله من أنفع العشق، وهو غاية سعادة العاشق.
وكذلك عشق العلم النافع، وعشق أوصاف الكمال من الجود، والعفة، والشجاعة، والصبر، ومكارم الأخلاق.
ولو صور العلم صورة لكان أجمل من صورة الشمس والقمر.
ولكن عشق هذه الصفات إنما يناسب الأنفس الشريفة الزكية، كما أن محبة الله ورسوله وكلامه ودينه إنما تناسب الأرواح العلوية السماوية الزكية، لا الأرواح الأرضية الدنية.
فإذا أردت أن تعرف قيمة العبد وقدره فانظر إلى محبوبه ومراده، واعلم أن العشق المحمود لا يعرض فيه شيء من الآفات المذكورة+(279).
وصدق من قال:
ونفاسة الأشياء في غاياتها
صفحه ۱۰۱