يقول الله ﷿: ﴿يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها﴾ (١) .
فتوهم أصوات الخلائق وهم ينادون بأجمعهم، منفرد كل واحد منهم بنفسه ينادي: (نفسي نفسي)، فلا تسمع إلا قول: (نفسي نفسي) .
فيا هول ذلك وأنت تنادي معهم بالشغل بنفسك والاهتمام بخلاصها من عذاب ربك وعقابه، فما ظنك بيوم ينادي فيه المصطفى آدم (٢)، والخليل إبراهيم، والكليم موسى، والروح والكلمة عيسى مع كرامتهم على الله ﷿ وعظم قدر منازلهم عند الله ﷿، كل ينادي: (نفسي نفسي)، شفقًا من شدة غضب ربه، فأين أنت منهم في إشفاقك في ذلك اليوم واشتغالك بحزنك وبخوفك؟
حتى إذا أيس الخلائق من شفاعتهم لما رأوا (٣) من اشتغالهم بأنفسهم، أتوا النبي محمدًا (٤) ﷺ فسألوه الشفاعة إلى ربهم فأجابهم إليها، ثم قام إلى ربه ﷿ واستأذن عليه، فأذن له ثم خر لربه ﷿ ساجدًا، ثم فتح عليه من محامده والثناء عليه لما هو أهله، وذلك كله بسمعك وأسماع الخلائق، حتى أجابه ربه ﷿ إلى
_________
(١) النحل /١١١.
(٢) ﴿إن الله اصطفى آدم ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين﴾ . آل عمران /٣٣
(٣) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [روا] .
(٤) كذا أثبت (أ) من الهامش.
1 / 16