وفي الحديث: إجابة الداعي، وإن قل المدعو إليه، وفي ذلك كله تحريض على التواضع، وحث على تعاطي ما يبعث على التآلف ويغرس الوداد.
[٦١١] وعن أنس ﵁ قَالَ: كَانَتْ ناقةُ رسول الله ﷺ العضْبَاءُ لا تُسْبَقُ، أَوْ لا تَكَادُ تُسْبَقُ، فَجَاءَ أعْرَابيٌّ عَلَى قَعودٍ لَهُ، فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى عَرَفَهُ، فَقَالَ: «حَقٌّ عَلَى اللهِ أنْ لا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إلا وَضَعَهُ» . رواه البخاري.
في هذا الحديث: التزهيد في الدنيا، وإغماض الطرف عن زهرتها.
قال ابن بطال: فيه هوان الدنيا على الله، والتنبيه على ترك المباهاة والمفاخرة.
وفيه: الحث على التواضع، وطرح رداء الكبر، والإِعلام بأن أُمور الدنيا ناقصة غير كاملة.
وفيه: ما كان عليه ﷺ لحسن خلقه من إِذهاب ما يشق على أَصحابه.
٧٢- باب تحريم الكبر والإعجاب
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص (٨٣)] .
العلوّ: الكبر. والفساد: المعاصي، يعني من تَرك ذلك فله الجنة.
وقال تعالى: ﴿وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا﴾ [الإسراء (٣٧)] .
أي: بطرًا، وكبرًا، وخيلاء، كمشي الجبارين ﴿إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ﴾، أي: لن تقطعها بكبرك حتى تبلغ آخرها، ﴿وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾، أي: لا تقدر أن تطاول الجبال وتساويها بكبرك.
وفي الصحيح عن النبي ﷺ قال: «بينما رجل يمشي في من كان قبلكم