تتمة المصابيح

علی بن بلال d. 450 AH
160

تتمة المصابيح

تتمة المصابيح

ژانرها

[وصية والده]

ذكر العباسي في كتابه أنه لما توفي الهادي إلى الحق عليه السلام أوصى إلى ابنه أبي القاسم محمد المرتضى وعهد إليه عهدا فيما بينه وبينه، وأمره بتقوى الله وطاعته، لم يخلف دينارا ولا درهما ولا عقارا، ولا أثاثا، وجزع المسلمون عليه جزعا شديدا وبكوا عليه، وسقط في أيديهم وقت وفاته، وفت في أعضادهم وذهلت عقولهم، وخافوا على نفوسهم وأهاليهم وأولادهم الهلكة من غلبة القرامطة، وأهل البدع في استيلائهم على بلادهم، وألحوا على المرتضى في أخذ بيعتهم، وانثالوا عليه من كل فج عميق، وقالوا له: لايسعك خذلاننا ولا يجوز بينك وبين ربك التقاعد عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفع عن المظلومين، ونحن أجنادك وأولياؤك على الحق، نفديك بأنفسنا ونواسيك بأموالنا حتى تقيم كتاب الله، وتحكم بسنة رسول الله وتحيي ما أماته الفاسقون من شرائع دينه، فدافعهم المرتضى أحسن دفع وخاطبهم بأجمل المخاطبة، وعاتبهم أبلغ المعاتبة على ما كان من تفريطهم وتقصيرهم في معاونة الهادي رضي الله عنه على الحق ونصرته على أهل الباطل، وامتنع مما دعوه إليه من جميل ولم يؤيسهم منه أياسا قاطعا.

وقال لهم فيما كان يخاطبهم به: أنتم معاشر المسلمين على خير، ولم تعدموا إن شاء الله ما تريدونه منا، ولكن لنا عليكم شروط نشترطها، وأمور من الحق نصفها ونبينها لكم، ولا يصلح الدخول في مثل هذا الأمر بالعجلة، ولا يجوز الإقدام عليه بالتعسف، بل نقفكم من الأمر على صحته، وننا ظركم على ما يجب علينا وعليكم من فرض الله عز وجل وحكمه فينا وفيكم، ولكم إلينا عودة إن شاء الله.

صفحه ۵۳۰