تثبيت دلائل النبوة
تثبيت دلائل النبو
ناشر
دار المصطفى-شبرا
شماره نسخه
-
محل انتشار
القاهرة
ومن أكبر كيد رؤساء النصارى، ادعاء المعجزات لأنفسهم ولأمثالهم ممن سلف من رؤسائهم، والنصارى تقبل ذلك منهم بغير برهان ولا حجة، فاذا مات ذلك الرئيس من راهب او قس او مطران او جاثليق قعد راهب وقال:
أنا كنت أخدمه فرأيت منه العجائب، فترحموا عليه معشر النصارى، وتوسلوا الى الله به فانه شاهد، فاشهدوا قبره وأكثروا زيارته. فيقول النصارى له:
يا رباني «١» حدثنا بما رأيت منه فيمتنع ويقول: أعفوني من الشرح، وكلما تمنع لجّوا في مطالبته، فيقيم على الامتناع فيزدادون حرصا في استخباره، فيقول: إنه في حياته ما تحدث به فما أحبّ أنا ان أتحدث به بعده، وإنما ذكرت لكم فضله لتتوسلوا الى الله به، فان صدقتموني فافعلوا وإلا فدعوا فما يضرني وليس هي أعجوبة وآية لي وانما هي له، فيزدادون حرصا، فيقول:
قد كان انقطع بنا الزيت في البيعة، وكان لا يطلب الزيت من احد ولا يدعني أطلبه، فاذا كان الليل أشعل القنديل وقام الى جرة له فيها خل فيصبه في القنديل فيصير من ساعته زيتا فيصطبح به كذا وكذا شهرا وقد كان في الجرة أكثر من خمسين رطلا خلا وهو في الجرة نأكله عند الافطار، وفي الليل/ اذا قلبه في القنديل صار زيتا.
ويتحدث آخر عن راهب صحبه، يقال له أبا مرقس، وانه كان كثير العبادة، وأنه توكل على الله وألقى نفسه في البحر، وقال: يفعل الله بي ما شاء، إن شاء غرقني وان شاء نجاني والقاني حيث شاء من ارضه. قال: فما جسرت ان افعل مثل ما فعله، وأقمت بمكاني بعده على ما فيّ من وحشة فراقه مدة طويلة، ثم دعاني ما فيّ من الوحشة له ان افعل مثل فعله، فإما
(١) في الاصل: يا ربن
1 / 202