تثبيت دلائل النبوة
تثبيت دلائل النبو
ناشر
دار المصطفى-شبرا
شماره نسخه
-
محل انتشار
القاهرة
فإن قالوا: مبتدع في دين النصرانية كما مثل ذلك مبتدع في الاسلام، قيل له: إن الروم قد كانت قبل التنصر تأكل الخنزير، وتستعمل الخصاء، وتغزو الامم، وتسبي وتقتل وتسترقّ، وترى في الزنا ما قد ذكرنا، وتسير السيرة التي وصفنا. ولما تنصرت دامت على تلك السيرة فما زايلتها ولا زالت عنها، فمتى كان هذا الابتداع. ولا فرق بين من ادّعى هذا، وادعى ان الروم كانت على خلافه ورجعت اليه لما تنصرت، ومن انتهى الى هذا فقد جحد وكابر وليس مع المكابرة مناظرة.
ومما يحتج به النصارى وهو اكبر شبههم في دينهم، وأجل ما يلجئون اليه، وهو عمدة الخواص والعوام منهم، ان يقولوا: النصرانية دين صعب ضيق، قد أجابت اليه الأمم الكبيرة والملوك بلا إكراه ولا سيف ولا قهر ولا غلبة، وما كانوا ليجيبوا الى ذلك إلا بالآيات والمعجزات التي ظهرت على أيدي/ الدعاة اليها من الرهبان والرواهب.
قيل له: قد بيّنا وعرف تبديل النصارى لدين المسيح وميلهم الى ملوك الروم، وقد شرحنا ذلك وعرفناه، فلا نجد إلا النصارى ترومت ولم تتنصر الروم. وأصل طوائفكم هم الروم، فهذا شاف كاف. ولو لم نعلم هذا وكيف الحيلة فيه من اوله الى آخره لما كان يشكل علينا ايضا بطلان هذا الاحتجاج وفساده، وأن اهل هذا الدين لا يظهر الله على ايديهم معجزة، ولا ينقض على يد احد منهم عادة؛ كيف والمعجزات لا تكون إلا للأنبياء ﵈ وفي زمانهم.
ثم يقال للنصارى: إنكم ادّعيتم الصحة لدينكم بالكثرة والملوك الذين تدينوا بدينكم، والكثرة لا تكون دلالة في صحة الديانة، وإنما يدل على
1 / 173