تثبيت دلائل النبوة
تثبيت دلائل النبو
ناشر
دار المصطفى-شبرا
شماره نسخه
-
محل انتشار
القاهرة
منهم القتل العظيم واخذ اموالهم واستصفاهم وعاد من عندهم بالرغائب، فقامت سوق بولص فيهم وازدادوا له حبا، وهذا الملك الذي غزا بني اسرائيل يقال له ططّس «١» . وقد كان للروم ملك يقال له بيلاطس خرج الى الشام بعد المسيح ﵇ وبعد اصحابه بالمدد الطويلة، وكانت له امرأة ببلاد الروم فماتت، فأراد ان يتزوج امرأة مكانها، ومن عادة الروم ان يعترض الرجل المرأة اذا اراد التزويج ويقلبها ويستقصي تفتيشها فإن صلحت له تزوجها، وان لم تصلح تركها. فوصف لبيلاطس امرأة بحران يقال لها هيلانة «٢» تكون في فندق بحرّان- والفندق هو الخان- فأشخصها وقلبها وارتضاها وتزوجها- وكانت نصرانية- فحظيت عنده، وسألته إعزاز النصارى والاحسان اليهم، فقال لها: إن اليهود يزعمون ان اصحابك هؤلاء اصحاب حيل وطلاب دنيا ورئاسة، فقالت: كذبوا، وانما اجيئك بهم لتراهم. فأنته بجماعة من الرهبان وقالت له: انظر اليهم والى مسكنتهم وضعفهم لتعلم كذب اليهود عليهم. فرحمهم ورقّ لهم وظن الجميل بهم، فأعزهم وصانهم ومكّن لهم في ممالكه بالشام وبلاد الروم، واحسن اليهم، فانبسطوا وكثروا واستطالوا على اليهود/. وكان لهذا الملك اولاد من المرأة التي كانت قبل هيلانة، وولد له من هيلانة هذه ابن يقال له قسطنطينوس.
وقد كان امر بولص عظم ببلاد الروم مع العامة والغوغاء واستهواهم بما يجري مجرى الرقى والطب والشعبذة والسحر، والروم الارمن تصدق بهذا كله وهي امة مفرطة الجهل بعيدة مما يستدرك بالفكر والنظر، يغلب عليها
(١) وقد ارسل بولس الى تيطس رسالته المشهورة حوالي سنة ٦٥ م (٢) في الاصل: هيلانية
1 / 159