تثبيت دلائل النبوة

Qadi Abd al-Jabbar d. 415 AH
163

تثبيت دلائل النبوة

تثبيت دلائل النبو

ناشر

دار المصطفى-شبرا

شماره نسخه

-

محل انتشار

القاهرة

الناس وأفردوه، واذا قرأه المتأمل عرف ذلك. وفيها شيء من كلام المسيح ووصاياه وأخباره قليل. فإنجيل منها عمله يوحنا، وانجيل منها عمله متى، ثم جاء بعدهما مرقس فما رضي بانجيليهما، ثم جاء بعدهم لوقا فما رضي بتلك الاناجيل فعمل انجيلا آخر، وكان عند كل واحد من هؤلاء ان صاحبه الذي تقدم وعمل انجيلا أنه قد ضبط أشياء وأخل بأشياء، وغيره اعرف واضبط. ولو كان من قبله قد ضبط واصاب لما احتاج ان يعمل هو انجيلا آخر غير انجيل صاحبه، وليس احد هذه الاناجيل شرحا للآخر، كما يشرح من تأخر كتاب من تقدم فيحكي كلامه على وجهه ثم يشرحه. فاعرف هذا وانما وضعه لأن غيره قد قصر. وعند هؤلاء الطوائف من النصارى ان هؤلاء الاربعة اصحاب المسيح وتلاميذه، وهم لا يعلمون ولا يدرون من هم ولا معهم في ذلك إلا الدعوى فقط، بل قد ذكر لوقا في انجيله انه ما رأى المسيح، فقال لوقا مخاطبا للذي عمل له انجيله وهو آخر من عمل من الاربعة: «عرفت رغبتك في الخير والعلم والأدب فعملت هذا الانجيل لمعرفتي ولأني كنت قريبا الى الذين خدموا الكلمة ورأوها» «١» . فهو قبل كل شيء قد أفصح بأنه ما رأى الكلمة- يعنون بالكلمة المسيح- ثم ادعى انه رأى من رأى المسيح، وليس هاهنا إلا دعوى بأنه رآهم ولو كان ثقة لما علم بخبره شيء، ومع هذا فقد ذكر ان انجيله أولى من انجيل غيره/. فلو تأمل النصارى لعلموا انهم ليسوا على شيء من هذه الأناجيل التي معهم، ولا معهم علم مما يدعيه اربابها

(١) كتب الناسخ في الهامش: الاناجيل الاربعة

1 / 155