تثبيت دلائل النبوة
تثبيت دلائل النبو
ناشر
دار المصطفى-شبرا
شماره نسخه
-
محل انتشار
القاهرة
ورب وخالق ورازق، وان الله ثالث ثلاثة، وانه قتل وصلب. وقد قال صاحبكم في كتابكم: «أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ» «١» فقالت النصارى: فهذا كذب، فانا وإن قلنا فيه انه إله فما قلنا في امه انها إله.
قيل له: ما خبر عنهم انهم قالوا ذلك، وما هاهنا خبر فيقع فيه صدق او كذب، وإنما قال «أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ» وليس هذا خبرا، ولا من لا يعرف من العربية قليلا ولا كثيرا، وإنما ظاهر هذا القول الاستفهام والاستعلام، والله جل ثناؤه لا يجوز عليه ذلك، لأنه إنما يستعلم ويستفهم من لا يعلم ما استفهم وسأل عنه، وإنما معناه التقرير لاستخراج الجواب من المسؤول. وهذا كقوله لموسى صلى الله عليه: «وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى» «٢» وهو ﷿ اعلم بذلك من موسى. ولقوله لإبليس: «ما مَنَعَكَ/ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ» «٣» واذ أمرك، وهو ﷿ اعلم من إبليس بالمانع له فقال للمسيح: هل قلت هذا في نفسك او في امك الوالدة لك وهي اخص الناس بك وأوجبهم حقا عليك وأجلهم عندك، لتتبين براءة ساحته ﵇ من كل وجه. فقد بطل ما ظنه السائل من ان هذا خبر وهذا جواب شاف كاف.
وأيضا ففي النصارى من قد قال بمعنى هذا وان لم يصرح بلفظه، لأنهم قالوا إن مريم صفت حين قبلت الجوهر الإلهي وولدته، وكل جوهر لا يقبل
(١) المائدة ١١٦ (٢) طه ١٧ (٣) الاعراف ١٢، وقد اثبتت القراءتين: اذ امرتك واذ امرك
1 / 145