يدرك كنهه في الهول والشدة وكيفما تصورت فهو فوق ذلك وعلى أضعافه، والتكرير لزيادة التهويل، ثم أجمل القول عن وصفه فقال: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ أي لا تستطيع دفعا عنها ولا نفعا لها بوجه ولا أمر إلا الله وحده ١.
وفي تفسير الجلالين: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ من المنفعة ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾
لا أمر لغيره معه أي لم يمكن أحدا من التوسط فيه ٢ بخلال الدنيا ٣.
وقول المعترض: إن البغوي قال في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ إن هذا في النفس الكافرة.
وكذب في نسبة ذلك إلى البغوي، فإن البغوي حكى ذلك عن مقاتل، فيحتمل أن مقاتلا خص بعض ما تناولته الآية لمعنى ما، والظاهر أن مراده أن غير الكافر يشفع فيه الشافعون ويرى ٤ أن من أذن له في الشفاعة يملك ما أذن له فيه كما قال بعض المفسرين في قوله سبحانه: ﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَانِ عَهْدًا﴾ [مريم:٨٧] . وقوله: ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف:٨٦] بناء على أن الاستثناء في الآيتين متصل، وأن من أذن له في الشفاعة يصدق عليه أنه ملك الشفاعة فيمن أذن له فيه فقط، والشفاعة المأذون فيها هي من الأمر ٥ الذي اختص الله به سبحانه في قوله: ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ والألف واللام في الأمر تفيد العموم عند الجميع كقوله: ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾
_________
١ الكشاف ٣ / ٣٥٨.
٢ في "ط" "لم يمكن لأحد من الخلق التوسط فيه".
٣ تفسير الجلالين ص ٥٣٠.
٤ في "ب" "ويروى".
٥ في "ط" هي "غير الأمر".
1 / 54