التي يفعلها الحي في العادة، والحسية الأفعال المشهودة بالعيان مثل إعطاء بعضهم بعضا ومعاونة بعضهم لبعض وكذا جناية بعضهم على بعض، والعجب من هذا الضال سوى في هذه الأمور بين الدنيا والآخرة ولم يجعل لإخباره سبحانه بتفرده بالملك والأمر في ذلك اليوم فائدة ولا معنى، وأي محادة لله ورسوله أكبر من هذا؟ ! وهذه نصوص الكتاب والسنة نذكر بعضها فيعرض المصنف كلام هذا الرجل عليها.
قال تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قال ابن كثير: إنما أضيف الملك إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هناك شيئا ولا يتكلم أحد إلا بإذنه ١ ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النبأ:٣٨] . وقال: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [هود:١٠٥] . وقال: ﴿وَخَشَعَتْ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَانِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه:١٠٨] . وقال الضحاك عن ابن عباس: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ يقول لا يملك أحد في ذلك اليوم حكما كملكهم في الدنيا –قال- ويوم الدين يوم الحساب للخلائق وهو يوم يدينهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر إلا من عفي عنه –قال- وكذا قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف وهو ظاهر ٢.
وقال البغوي: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ إنما خص يوم الدين بالذكر مع كونه مالكا للأيام كلها، لأن الأملاك يومئذ زائلة فلا ملك ولا أمر إلا له، قال تعالى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَانِ﴾ [الفرقان:٢٦] . وقال: ﴿لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر:١٦] . وقال ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ . انتهى.
وقال تعالى ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [فاطر:٤] .وقال: ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾ [هود:١٢٣] .وهذا معنى قوله ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الإنفطار:١٩] وقال تعالى ﴿قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ﴾
_________
١ في تفسير ابن كثير "كما قال تعالى".
٢ انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى
1 / 52