فإن قيل: يبطل القول بالتضمن - هنا - أن المتضمن للحرف لا يظهر معه، وقد ظهر في قوله (¬1):
.................... ألا لا من سبيل إلى هند
فالجواب: أن الظاهر - هنا - غير المضمر، بدليل أن (سبيل) مع لحاظ المضمر يكون [39ب] مفتوحا، وبظهوره مجرورا؛ فهذا تركيب آخر [21أ].
فإن قيل: هذه العلة، وهي (¬2) تضمنه معنى الحرف هل هي موجودة في المضاف والشبيه به، أو (¬3) لا؟ لا جائز أن تكون موجودة؛ لأنهم أوجبوا الإعراب فيهما، ولا جائز أن تكون غير موجودة؛ لأنه يصح أن يقول: (هل من غلام رجل عندك؟) فتقول في الجواب: (لا غلام رجل عندي).
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أنا لا نسلم وجود التضمن؛ فتكون أعربت للتنبيه على أن حق النكرة المفردة الإعراب، ولهذا أعربت (أيا) في الاستفهام والشرط مع تضمن معنى الحرف للتنبيه على أن الأصل في الأسماء الإعراب (¬4).
الثاني: ذكره أبو علي أن المضاف والمضاف إليه بمنزلة الشيء الواحد، وليسا بشيء واحد (¬5)؛ فلو بني المضاف مع (لا) لكان فيه جعل ثلاثة أشياء بمنزلة الشيء الواحد.
القول الثاني: أن علة البناء: التركيب، ك (خمسة عشر)؛ فهو مركب مع الأول، ك (عشر) من (خمسة عشر)؛ لأن الأصل: (خمسة وعشرة)، كما أن أصل (لا رجل): (لا من رجل)، ونسبه ابن هشام لسيبويه والجمهور (¬6)، واحتجوا: بأنه إذا فصل بينهما أعربوا الاسم، نحو: (لا في الدار رجل ولا امرأة)، قالوا: وإنما بنيت النكرة على الحركة؛ لأنها في الأصل منونة، وإنما عرض البناء بالتركيب مع (لا)، وبقيت على الفتح؛ لأنها لو أعربت لكانت (¬7) منصوبة؛ فشاكلوا بين [40ب] الإعراب والبناء، ولأن الكلام طال بالتركيب، فاختير له أخف الحركات، ولأن الكسر لا سبيل إليه؛ لأن (من) مقدرة مكان الكسر، فتوهم الإعراب، والضم لا سبيل إليه، لأنها كانت تلتبس بحركة الرفع التي تصحب (لا) التي بمعنى (ليس).
صفحه ۵۹