تشنيف المسامع بجمع الجوامع

Al-Zarkashi d. 794 AH
120

تشنيف المسامع بجمع الجوامع

تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

پژوهشگر

د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر

ناشر

مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

محل انتشار

توزيع المكتبة المكية

ژانرها

قَالاَ: فَذَهَبَ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إلى أَنَّهُ لاَ يُسَمَّى خِطَابًا وَأَمْرًا ونَهْيًا في الأَزَلِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِذَلِكَ فِيمَا لاَ يَزَالُ عِنْدَ وجودِ المُخَاطَبِ، وهو حدوثُ تسميةٍ لاَ حدوثٌ عَنِ الكلامِ، ولاَ تتغيرُ بِذَلِكَ صِفَتُهُ في نَفْسِهِ، أَلاَ تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يصيرُ أَبًا وعَمًّا وَزَوْجًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مِنْ ذلكَ، وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَتُهُ، وَإِنَّمَا بِتَغَيُّرِ الغيرِ اسْتَحَقَّ هَذِهِ الأسماءَ حَقِيقَةً؛ فَعَلَى هَذَا كُلُّ خِطَابٍ كلامٌ، ولاَ يَنْعَكِسُ لأنَّ كلامَهُ في الأَزَلِ ليسَ بِخِطَابٍ. والثانِي: وعليه المتأخرونَ يُسَمَّى خِطَابًا بِشَرْطِ حُدُوثِ المُخَاطَبِ، وَقَالَ ابْنُ القُشَيْرِيِّ: وهو قَوْلُ الأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ الصحيحُ؛ لأنَّ الآمِرَ أَمَرَ لنفسِهِ، والصفاتُ النفسيةُ لاَ تَتَحَدَّدُ بِتَحَدُّدٍ. قُلْتُ: وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الأَشْعَرِيُّ: إِنَّ المعدومَ مَامُورٌ بِالأَمْرِ الأَزَلِيِّ عَلَى تقديرِ الوُجُودِ، وَحَكَى الشيخُ السُّبْكِيُّ في (شَرْحِ الْمِنْهَاجِ) المنعَ عَنِ القاضِي أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ، فَهَلْ يُسَمَّى بَعْدَ ذَلِكَ وُجُودُ المُخَاطَبِ والمأمورِ، يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إِنْ حَصَلَ إِسْمَاعُهُ لذلكَ كَمَا فِي مُوسَى ﵊ يُسَمَّى خِطَابًا بِلاَ شَكٍّ، وَإِلاَّ فَلاَ على قياسِ قَوْلِ القاضِي. قُلْتُ: المانعُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لاَ يُسَمَّى خِطَابًا وَأَمْرًا عِنْدَ وُجُودِ المخاطبِ والمأمورِ كَمَا سَبَقَ عَنِ الشيخِ وابْنِ الْقُشَيْرِيِّ، وهو عِنْدَهُمْ مِنْ صِفَاتِ الأفعالِ بِمَثَابَةِ اتِّصَافِ الرَّبِ تَعَالَى فِي الأَزَلِ، بِكَوْنِهِ خَالِقًا رَازِقًا، وَذَكَرَ بعضُهم أَنَّ الخلافَ لَفْظِيٌّ؛ لأنَّ الطلبَ الأزلِيَّ، إِنَّمَا هُوَ طَلَبٌ بالصلاحِيَّةِ، لاَ بالتعلُقِ؛ إِذِ الكلامُ الأزَلِيُّ فيِ نفسِهِ عَلَى صِفَةِ الاقتضاءِ مِمَنْ سَيَكُونُ، فَإِذَا كَانَ تَعَلَّقَ به ذلكَ الاقتضاءُ (٢١ ب) فيكونُ اقتضاءً بالفعلِ، فهذا يُسَمَّى اقتضاءً حقيقةً، والأولُ يُسَمَّى اقتضاءً مجازًا، ولهذا اخْتُلِفَ في جَوَازِ إِطْلاَقِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الخِلافُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تفسيِر الخطابِ، فَمَنْ فَسَّرَهُ بالكلامِ الذي يُقْصَدُ بِهِ إِفْهَامُ مَنْ هُوَ مُتَهَيِّئٌ لِفَهْمِهِ في الحالِ. قَالَ: لاَ يُسَمَّى خِطَابًا، وَمَنْ قَالَ: يُقْصَدُ بِهِ الإفهامُ في الجملةِ، أَطْلَقَهُ عليه.

1 / 215