على المضي في عمل، فما كنت أحب له الوقوع في الحرج. ولكن ماذا يورد الأستاذ حسنين من أسباب تجعله يمضي في عمله؟ عمله الذي يؤهله لنيل الدكتوراه؟ يقول في ما مجمله: أنني أخطأت في بعض القراءات ولم أهتد إلى بعض التخريجات التي اهتدى إليها (وهذان أمران طبيعيان يستوي فيهما جميع المحققين دون استثناء) . وثالثة الأثافي أنه غير راض عن طريقتي ومنهجي في التحقيق لأني أغير النص في المتن ولا أشير إلى ذلك التغيير في الحاشية. وهذه " الكبائر " الثلاث تستحق جميعا مقالا من عشر صفحات أو عشرين يعقب به على كتابي، ولكنها لا تصلح أن تكون أساسا لرسالة ينال بها الدكتوراه، ثم يقوم بنشرها، من دون أن يبرز في مقابل ذلك نسبة التصويبات والتخريجات التي أخذها سائغة من غير تعب، وقال له أستاذه وهو يأخذها: هنيئا مريئا.
وأنا أترك الحديث عن الكبيرتين الأوليين، وأتناول الثالثة أعني تغيير بعض القراءات في المتن دون الإشارة إليها في الهامش، فأتساءل: أي القراءات هي التي أغيرها؟ لنأخذ نموذجا مما نعقبه الأستاذ حسنين، جاء على الصفحة الثالثة والثلاثين من الطبعة البيروتية:
تبدوا به شعث تطير أمامها ... شعل تطير لها القلوب فتذعر
ألا هل رأت عيناك إيماض بارق ... بدا موهنا في الجو بين سحابه
كأن التي من أرضها لاح وكلت ... به بخلها في جيه وذهابه فقرت " تبدو " (وحذفت الألف)، ثم قرأت " شعب " لأن " شعث " هنا لا معنى لها؛ وقرأت موهنا (بفتح الميم)؛ وقرأت " جيئه " بإثبات الهمزة.
وهذه الأخطاء تمثل:
(١) خطأ إملائيا (تبدوا) في النسخة، وهذا مما لا يستوقف المحقق، إذ قد جرت القاعدة على تحويل الإملاء في المخطوطات إلى طريقة الإملاء الحديث، والإشارة إلى ذلك إن شاء الله المحقق في المقدمة، في سطور، لئلا يظل المحقق يقف عند كل إملاء مغاير فيحشو هوامشه بأمور لا قيمة لها. وهذا النوع
1 / 3