تصوف اسلامی در ادب و اخلاق
التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق
ژانرها
ولا تأكل منها ولا تشرب ولا تزكي ولا تقدمها ذخرا ليوم فقرك وفاقتك؟ فقال: يا أبا معن، والله إن ما قلت لهو الحق، ولكني أخاف الفقر والحاجة إلى الناس، فقلت: وبم تزيد حال من افتقر على حالك، وأنت دائم الحرص، دائم الجمع، شحيح على نفسك، لا تشتري اللحم إلا من عيد إلى عيد؟ فترك جواب كلامي كله ثم قال لي: والله لقد اشتريت في يوم عاشوراء لحما وتوابله وما يتبعه بخمسة دراهم. فلما قال لي هذا القول أضحكني حتى أذهلني عن جوابه ومعاتبته، فأمسكت عنه وعلمت أنه ليس ممن شرح الله صدره للإسلام.
10
وفي هذه القصة فكاهة، واختراعها يدل على غرام من عاصروا أبا العتاهية بتعقب أخباره وحمل الناس على الارتياب في حقيقة ما كان يعلن من الزهد.
وحدثوا أنه كان لأبي العتاهية جار ضعيف، سيئ الحال، متجمل عليه ثياب، فكان يمر بأبي العتاهية طرفي النهار، فيقول أبو العتاهية: اللهم أغنه عما هو بسبيله، شيخ ضعيف، سيئ الحال، عليه ثياب متجمل، اللهم أعنه واصنع له وبارك فيه. فبقي على هذا الحال إلى أن مات الشيخ نحوا من عشرين سنة، وما تصدق عليه قط بدرهم ولا دانق، وما زاد على الدعاء شيئا. قال المحدث: فقلت له يوما: يا أبا إسحاق، إني أراك تكثر الدعاء لهذا الشيخ وتزعم أنه فقير مقل، فلم لا تتصدق عليه بشيء؟ فقال: أخشى أن يعتاد الصدقة، والصدقة آخر كسب العبد، وإن في الدعاء لخيرا كثيرا.
11
بخله وحرصه على المال
والكلام عن بخل أبي العتاهية وشحه ومنعه الزكاة كثير جدا يجده القارئ في الأغاني وغيره، والأقاصيص المروية عنه بعضها صحيح وبعضها منحول، ولكنها في جملتها تدل على أن معاصريه تلقوا مسلكه في الزهد بالغمز والسخرية، واستكثروا عليه أن يكون من أهل الحكمة والدين.
وقد كانت له بالفعل آراء فيها تطرف، ولم يسلم من التهمة بالزندقة، وكان من العسير أن تمر الأزمان العقلية في زمانه ولا تمسه بشيء من السوء، وقد استطاع خصومه أن يهيجوا عليه العامة، وأن يدعوا أنه زنديق، وأن يتهموه بالتهاون بالجنة وابتذال ذكرها في شعره إذ يقول:
كأن عتابة من حسنها
دمية قس فتنت قسها
صفحه نامشخص