تصوف اسلامی و امام شعرانی
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
ژانرها
ولذلك كان أهل الله غائبين عما يقصده غالب القراء بقراءتهم؛ لما هم فيه من الخشوع عند التلاوة، فلم يبق متسع لسواه، فلم يشغلوا أنفسهم بالقراءات والاختلاف فيها؛ لأن فيها يضيع العمر، والاتعاظ يحصل برواية أبي عمرو مثلا، ولم يقدر أحد من السلف أن يقرأ بجميع هذه الروايات.
فرقة تمد، وفرقة تفخم، وفرقة ترقق، وغير ذلك من وجوه الأداء الذي برع فيه رجال الأزهر.
بل كانوا علماء لله، وبالله عاملين صائمين قائمين زاهدين خائفين ، فلم يكونوا مقتصرين على حفظ المسائل فقط، بل كانوا عاملين بها.
لم يصرفوا حياتهم في علم القراءات ووجوهها، وإنما اتجهوا بقلوبهم إلى ما في القرآن من مواعظ وتهديدات وتخويفات وآيات بينات.»
ويضرب الشعراني لذلك مثلا فيقول: «كالذي أرسل إليه السلطان كتابا يأمره وينهاه بأمور كثيرة، فأخذه وقبله وصار يدرس ألفاظه ليلا ونهارا بالمد والإمالة والتفخيم والترقيق، ثم أرسل إليه السلطان ينظر ما فعل في الأوامر والنواهي، فوجده لم يفعل شيئا منها وهو على هذه الحالة، فهل هذا مراد السلطان؟ وهل هذا فعل من له قلب أو عقل؟»
1
ثم يقول الشعراني متهكما بهم لأنهم يدرسون ولا يعملون: «وهل يقول للملكين في القبر وللزبانية على جهنم: دعوه لأنه كان يحفظ أبواب المعاملات، أو يحفظ أبواب الفقه والنحو والأصول على ظهر قلبه، أو يقرأ بالمد والإمالة والتفخيم والترقيق؟ كلا والله، لا يكرم بشيء من ذلك، إنما يكرم بالتقوى والعمل الصالح ومعرفة الله - عز وجل - وكف الأذى عن جميع الأنام، ومن شك في ذلك فسيراه يقينا.»
2
ولقد خصص الشعراني الفصول الطوال في كتبه للحملة على الفقهاء الجامدين، بل خصص كتبا كاملة لهذا الغرض، مركزا حملته الكبرى على الجانب الأخلاقي الإيماني الذي فقد في الأزهر.
يقول المستشرق «فولرز» في «دائرة معارف الدين والأخلاق»: «إن الشعراني في كتابه «البحر المورود» كان جريئا في مهاجمة الفقهاء، والتنديد بطمعهم وزهوهم، والتشهير بجشعهم وتهافتهم على الوظائف.»
صفحه نامشخص