تصوف اسلامی و امام شعرانی
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
ژانرها
وللكسب والعمل في الإسلام مكانة لا يضارعها إلا الجهاد في سبيل الله. مر على النبي - صلوات الله وسلامه عليه - رجل ، فرأى أصحاب الرسول من جلده ونشاطه في الكسب والارتزاق ما جعلهم يتحدثون فيه قالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله، فقال صلوات الله عليه: «إن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين كبيرين فهو في سبيل الله.»
وعاد بعض صحابة رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه - من سفر، فأخذوا يحدثون الرسول عن رجل كان معهم كثير العبادة، كثير الصلاة، كثير الصوم، متفرغا أبدا لتقواه، فقال لهم النبي: من كان يقوم به في معيشته؟ قالوا: أخوه، قال: أخوه أعبد منه.
ذلك هو منطق الإسلام، ولكن أدعياء التصوف أبدلوه ونقضوه كما أبدلوا ونقضوا كل عرى الإسلام.
وأدرك الشعراني خطورة هذا الأمر على الفكرة الإسلامية، وعلى الناحية الاقتصادية في الأمة الإسلامية، فخصص جانبا كبيرا من حملته على أدعياء التصوف لتلك النقطة الخطيرة.
دعا الشعراني إلى الجمع بين العبادة والعمل باعتبارهما دعامة الحياة، وساق الأدلة التاريخية على حرص كبار الصالحين من أهل التصوف على تجنب العيش على صدقات المحسنين.
وفضل الشعراني الصناع على العباد؛ لأن هؤلاء يساهمون في نفع الناس بينما العبادة يقتصر نفعها على صاحبها، وكان يقول: ما أجمل أن يجعل الخياط مثلا إبرته سبحته، وأن يجعل النجار منشاره سبحته! ذلك هو التسبيح النافع المقبول.
بل لقد آثر الشعراني في دعوته حياة البدن على حياة الروح؛ لأن هذه قد تفرعت عن حياة الجسم، وهي تتأثر بما يعتريه من وجوه العسر واليسر؛ حتى ليفضي الضنك إلى تشتت الفكر وبلبلة الخاطر؛ ولذلك كان أبو حنيفة يقول: لا تستشر من ليس في بيته دقيق.
ويصرح الشعراني بأن ترك الكسب بالعمل المشروع والتماس الرزق عند المحسنين كدأب متصوفة عصره جهل بمقام التوكل الصحيح.
1
ومن الجهالة - كما يقول الشعراني - ذم الدنيا إطلاقا، وآفة الدنيا النساء والمال والجاه والولد، ولكن الكامل لا يهرب من هذه الآفات، بل يستوعب حبها جميعا؛ لأن دنيا العارف في يده وليست في قلبه.
صفحه نامشخص