تصوف: انقلاب روحانی در اسلام
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
ژانرها
ألا نبالغ في مسألة التأثير والتأثر إلى حد أن نهمل شخصية الفرد وعمله العقلي والروحي.
الثالث:
يجب أن نعترف بالمؤثرات الخارجية في صورها العامة لا في تفاصيلها. فمما لا شك فيه أن الفلسفة الإسلامية والتصوف الإسلامي قد تأثرا بعوامل خارجية وتيارات فكرية وصلت إلى بيئات المسلمين من ثقافات غير إسلامية متعددة، ولكن تفاصيل المذاهب الفلسفية الإسلامية والنظريات الصوفية الإسلامية من عمل المسلمين أنفسهم، والنتائج التي رتبوها على المذاهب التي استعاروها تختلف في جوهرها عن النتائج التي رتبها عليها أصحاب تلك المذاهب والنظريات أنفسهم. انظر كيف استغل المسلمون نظرية أفلاطون في المثل، ونظرية أرسطو في المحرك الأول، ونظرية أفلوطين في الفيوضات، وكيف استغل متصوفة الإسلام النظريات اليونانية والمسيحية في «الكلمة»
Logos ،
1
وكيف وصلوا إلى نتائج لم تخطر لأصحاب هذه النظريات ببال.
والذي أريد أن أقرره هنا هو أن تاريخ التصوف في الإسلام جزء لا يتجزأ من تاريخ الإسلام نفسه ومظهر من مظاهر هذا الدين وما أحاط به من ظروف وما دخل فيه من شعوب، وليس شيئا اجتلب من الخارج دون أن تكون له صلة بالدين الإسلامي وروحه وتعاليمه.
نعم؛ ليس الإسلام نفسه دينا صوفيا، وما كان ليصير دينا صوفيا لو أنه ظل محصورا في الجزيرة العربية؛ لأنه دين عقلي يخاطب العقل أكثر مما يخاطب الوجدان، ويدعو إلى النظر في خلق السموات والأرض ليستدل الناظر بما يشاهده وما يلاحظه في الكون وفي نفسه على قدرة الله تعالى ووحدانيته وعظمته وجلاله وقيامه بنفسه، لا ليؤديه تأمله في العالم وفي نفسه إلى إنكار ذاته وفنائه في الله والاتصال به عن طريق هذا الفناء كما يقول الصوفية. لم يكن الإسلام، وهو الدين المستند إلى عقيدة التوحيد البسيطة التي يقنع بها العقل بمحض فطرته، ليظهر عنه التصوف وما في التصوف من نظريات معقدة لو لم يخرج من حدود البيئة الصحراوية التي نشأ فيها، وتمتزج تعاليمه بتعاليم وأديان الأمم التي نشر فيها ضوءه، تلك الأمم التي كانت على حظ كبير من الفلسفة والعلم والحياة الروحية العميقة، ولو لم يتصل بتلك الديانات القديمة الغنية بتقاليدها وطقوسها وأساليب عبادتها ومناهج رياضتها النفسية؛ ولهذا نقول: إن التصوف وليد تاريخ الإسلام الديني والسياسي والعقلي والعنصري ولم نقل أنه وليد الإسلام وحده، وتاريخ الإسلام الديني والسياسي والعقلي والعنصري هو تاريخ الأمم الإسلامية، وما كان لها من حضارات وثقافات مزجت بالدين مزجا.
ولم يلق الإسلام داخل الجزيرة العربية تأويلا فلسفيا ولا صوفيا، ولكنه لما أصبح الكتاب المقدس للفرس والمصريين والعراقيين وغيرهم من أهل الحضارات والديانات القديمة، تناولوه بالتفسير والتأويل وقرءوا فيه من معاني التصوف والفلسفة ما شاءت لهم ثقافاتهم، وارتفعوا بهذه التأويلات والتفسيرات إلى مستوى البحوث النظرية العالمية في كثير من الأحيان. لكن الاتصال بين الإسلام والثقافات الأجنبية غير الإسلامية شيء، ونتائج هذا الاتصال شيء آخر، وما وصل إليه المسلمون في ميدان الفلسفة والتصوف كان مزيجا من الإسلام وما اتصل به الإسلام من هذه التيارات الفكرية الخارجية، أو كان نتيجة لازدواج هذين العنصرين، وكان أكبر عامل في هذا الازدواج محاولة المسلمين التوفيق بين دينهم والأفكار الأجنبية التي دخلت البيئات التي انتشر فيها. عن هذا الطريق نجح المسلمون في جعل الإسلام دينا صوفيا، اختلف من غير شك عن الإسلام في نشأته الأولى، ولذلك تلقاه بعض أهل السنة بالقبول وتلقاه غيرهم بالرفض؛ لأنه جرى على أساليب وأتى بأفكار لم تكن معهودة عند أهل السلف.
النظريات التي قيلت في أصل التصوف
صفحه نامشخص