قال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين: ((وأمثل طرق هذا الحديث إسنادا وأجودها في صفة صلاة التسبيح ما قدمناه أولا من حديث عكرمة عن ابن عباس؛ وأما ما خرجه الترمذي في ((جامعه)) فقال: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، ثنا أبو وهب، سألت عبد الله بن المبارك عن الصلاة التي يسبح فيها؟ قال: تكبر ثم تقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم تقول خمس عشرة مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم تتعوذ وتقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، وفاتحة الكتاب، وسورة، ثم تقول عشر مرات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم تركع فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا، ثم تسجد الثانية فتقولها عشرا، تصلي أربع ركعات على هذا، فذلك خمس وسبعون تسبيحة في كل ركعة تبدأ في كل ركعة بخمس عشرة تسبيحة، ثم تقرأ، ثم تسبح عشرا، فإن صلى ليلا فأحب أن يسلم في الركعتين، وإن صلى نهارا فإن شاء سلم، وإن شاء لم يسلم)).
فهذه الصفة التي ذكرها ابن المبارك من أن التسبيح في كل ركعة من الأربع قبل القراءة خمسة عشرة، وبعد القراءة عشر مرات لم أقف له على حديث إلا ما روي عن محمد بن فضيل، عن غزوان، عن أبان بن أبي عياش، عن أبي الجوزاء، قال: صحبت ابن عمر فقال: يا أبا الجوزاء! ألا أحبوك؟، ألا أخبرك؟، ألا أهب لك؟، ألا أعطيك؟، ألا أفيدك؟))، قلت: بلى رحمك الله، قال: فإني آمرك بأربع ركعات سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يصليهن عبد مسلم في يوم وليلة يسبح فيهن ألفا ومائتين تسبيحة إلا غفر الله له كل ذنب صغير أو كبير، حديث أو قديم))، قلت: علمنيهن، قال: ((تقوم فتكبر خمس عشرة مرة، وتسبح وتكبر وتهلل وتحمد من هؤلاء الأربعة، ثم تقرأ فتقولها عشر مرات، ثم تركع فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشر مرات، ثم تسجد فتقولها عشر مرات، ثم تركع فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشر مرات، ثم تسجد فتقولها عشر مرات، ثم تركع فتقولها عشرا، ثم ترفع راسك فتقولها عشر مرات، ثم تسجد فتقولها عشر مرات، ثم ترفع رأسك فتقولها بين السجدتين عشر مرات، ثم تسجد الثانية فتقولها وأنت ساجد، فذلك ثلاثمائة في كل ركعة، ثم تركع الثانية فتقول هكذا في أربع ركعات))، فقلت: يا ابن عمر! ومن يطيق هذا؟، قال : في كل جمعة مرة، أو مرتين))، انتهى.
قلت: وقد مرت لنا هذه الصفة التي ذكرها ابن المبارك من رواية أبي جناب الكلبي، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا، والله أعلم.
ثم قال ابن ناصر الدين: ((وقد استحب بعض العارفين أن يفعلها مرة ليلا ومرة نهارا؛ وقال أبو الجوزاء: إن ابن عباس كان يصليها كل يوم بين أذان الظهر وإقامة العصر، وكذلك كان أبو الجوزاء يصليها كما قدمناه من رواية عباد بن عباد المهلبي، عن عمرو بن مالك النكري عنه)) انتهى.
قلت: قد مر لنا من رواية أبي الحسن علي بن يحيى بن جعفر إمام المسجد الجامع بأصبهان، عن أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، من حديث علي.
صفحه ۶۰