ترجمه در جهان عربی: واقعیت و چالش: در پرتو مقایسه آماری روشن
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
ژانرها
الجامعات ومراكز البحث ليست على مستوى المنافسة العالمية، وهو ما يتمثل في إنتاجها وإسهاماتها في المؤتمرات العلمية العالمية. (13)
لعل من أهم معوقات الترجمة العلمية أو الانصراف عنها، أن الترجمة العربية لا تزال تفتقر إلى البرامج على المستويين القطري والقومي؛ أعني كفالة وحدة اللغة والفكر قوميا. والقدرة على المساهمة الحضارية عالميا، انطلاقا من تأكيد الذاتية القومية. وحري بنا أن نطرح السؤال التالي: كيف نساهم في بناء الذات دون دراسة الواقع بلغة التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بمنهج علمي، ودون رؤية مستقبلية، ودون قارئ ناضج علميا أو يفكر علميا ونهج للمعرفة تواق للاستكشاف والبحث؟ من هنا نجد ضرورة إنشاء مؤسسة عربية للترجمة، وفي ضوء هذا يتحدد دورها القومي.
وفي ضوء ما سبق يبين أن ازدهار حركة الترجمة رهن وضع استراتيجية تستهدف ازدهار المجتمع والإنسان ماديا وفكريا، وأن تعبر عن زخم أو قوة دفع وحراك في المجتمع. إننا ونحن نفكر في الترجمة يجب أن نفكر في القارئ - الذي هو المجتمع - ومشكلاته وأثر بيئته عليه سلبا وإيجابا.
ونشير هنا - على سبيل المقارنة والتحدي - إلى أن إسرائيل كانت تعي حتى وهي لا تزال مجرد حركة صهيونية، وقبل أن تكون دولة كانت تعي مقتضيات التحدي الحضاري وبناء قاعدة علمية نظرية وتطبيقية تكون ركيزتها وأساسها؛ إذ عنيت بإنشاء الجامعات ومراكز البحوث، وأصبح لديها ضعف ما لدى أفريقيا كلها أو أمريكا اللاتينية كلها من العلماء الذين ينشرون أبحاثهم. كذلك فإن العلماء الإسرائيليين وهم أساتذة جامعات ومعاهد بحوث لا يتركون مؤتمرا علميا ينعقد دون أن يشاركوا فيه بعدد كبير من أوراق البحث. ويحرصون على التواصل عن بعد وعلى الاتصال المباشر بعلماء وجامعات البلدان المتقدمة وتبادل المعلومات. ويحظى أساتذة العلوم الأساسية بأطول الإجازات لمعايشة البحث العلمي والعلماء في الخارج. وهكذا تعبر الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث عن مجتمع يموج بالحركة والنشاط العلميين؛ مما يجعل العلم يحتل مكانة أولى، على عكس الحال في البلدان العربية؛ إذ نرى أن هذا الضرب من النشاط محدود جدا (أنطوان زحلان، العلم والتعليم العالي في إسرائيل، ترجمة محمد صالح العالم، دار الهلال 1970م). (14)
الملاحظ انحسار نشاط الترجمة بعامة في بلدان المغرب؛ نظرا لأن البرجوازية المثقفة تجيد - بحكم النظام التعليمي في ظل الاستعمار الفرنسي - اللغة الفرنسية؛ لذلك نرى هذه الفئة تعرب عن عدم الحاجة إلى الترجمة. ويعيش المجتمع بلغتين؛ مما يفضي إلى شيوع الجهل بالحضارة وعلومها بين من يتحدثون لغتهم الأم فقط، سواء من العرب أم من الأمازيغ (البربر). هذا علاوة على انحسار سوق التوزيع والانصراف عن القراءة العلمية، وهي آفة شائعة في جميع البلدان العربية. (15)
الملاحظ أن كتاب المشرق لا يجسد سبيله إلى المغرب، والعكس صحيح، على الرغم من أن الثقافة أداة لتوحيد الوجدان العربي. وأحد أسباب ذلك الافتقار إلى نظام توزيع وتنسيق شاملا بلدان العالم العربي. وطبيعي أن هذا يؤثر على رواج الكتاب المترجم.
الجامعة العربية والترجمة
عند الحديث عن الترجمة من حيث دورها الثقافي النهضوي وفعاليتها الاجتماعية لا يسعنا أن نغفل دور الجامعة العربية ووعيها بدور الترجمة، وكذا جهودها في سبيل إصلاح هذا الوضع المتدني. ولا سبيل إلى إنكار أن ثمة وعيا عربيا بهذا القصور الشديد؛ حيث إن الجامعة العربية هي تجسيد للمسئولين الرسميين في الأقطار العربية، ومن ثم جهودها تعبير عن رغبة أو فكرة جرت مناقشتها وألحت على الأذهان، ولكن سوف تنكشف عادة سائدة في حياتنا، وهي الفصل بين الفكر والفعل.
هناك مرحلتان للترجمة تحت رعاية الجامعة العربية تعكس صورة صادقة للوعي بالوضع الثقافي العربي وحالة الترجمة؛ المرحلة الأولى مع الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية. وقد أنشئت هذه الإدارة في منتصف الأربعينيات بناء على المعاهدة الثقافية المبرمة بين الدول العربية عام 1945م. وتنص المادة السابعة من هذه المعاهدة على «تنشيط الجهود التي تبذل لترجمة عيون الكتب الأجنبية القديمة والحديثة، وتنظيم تلك الجهود، وتنشيط الإنتاج الفكري في البلاد العربية بمختلف الوسائل».
وضمت الإدارة الثقافية عددا من أئمة الفكر العربي المستنير من أمثال طه حسين، وسليمان حزين، وغيرهما. وعنيت الإدارة بموضوع الترجمة، واتجهت إلى ترجمة بعض الأعمال الثقافية والعلمية والأدبية. وصدر عنها عدد قليل من أمهات الكتب العالمية، من بينها على سبيل المثال: «قصة الحضارة» تأليف ويل ديورانت، وكتاب «السلطة والفرد» تأليف برتراند رسل، وكتاب «العلم والموارد في الشرق الأوسط» ... إلخ. وكانت تعتزم - بناء على اقتراح طه حسين - ترجمة روائع الأدب العالمي الخالدة، وأن تبدأ بأعمال شكسبير، ولكنها توقفت.
صفحه نامشخص