ترجمه در جهان عربی: واقعیت و چالش: در پرتو مقایسه آماری روشن
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
ژانرها
وأدت - وتؤدي - هذه التحولات إلى قلب أو نقض الأسس التي قام عليها العالم الصناعي الحديث؛ إذ تنشئ روابط جديدة بين المعرفة والثروة والسلطة. وأدت كذلك في الوقت نفسه إلى تشوش العلاقات ما بين الكلمات والأفكار والأشياء. معنى هذا أننا بصدد بيئة رمزية مغايرة، ورؤى وعلاقات جديدة. إنها المعرفة في ثوب جديد ودلالة جديدة، تفيض طوفانا عبر آليات جديدة غير مسبوقة. طوفان المعرفة الذي يصوغ صورة العالم، ويصوغ معالم إدراكنا له، ويعيد تشكيل كل مظاهر حياتنا.
نحن إزاء صورة جديدة، وطوفان لا ينتهي من المعرفة، وإزاء منظومة جديدة للعالم ندركها من خلال، وفي إطار، مفاهيم أو معارف جديدة؛ إذ من الطبيعي أن يقتضي هذا التحول أنماطا مغايرة من التفكير، وعتادا جديدا من المفاهيم، وممارسات اجتماعية مغايرة، وخبرات وجودية جديدة تنتظم في منظومات شبكية كوكبية. وطبيعي أيضا أن ليس بالإمكان لمن شاء إنجاز مشروعه الوجودي؛ أي ضمان البقاء والتطور والمنافسة، أن يفهم عالم اليوم بذات أطر الفكر والمفاهيم التقليدية السابقة التي سادت في عصر الصناعة، ناهيك عن العصور الأسبق؛ ذلك لأن لكل فضاء وجودي أنماطه الفكرية، ولكل ممارسة اجتماعية لغتها ورموزها ومفاهيمها ومعاييرها. معنى هذا أن المجتمع الذي يتقاعس عن نقل/ترجمة واستيعاب المعرفة الجديدة، ويتقاعس عن تطوير ذاته للإسهام في الإبداع المعرفي؛ مثل هذا المجتمع سيظل أسير صورة العالم القديمة، ويعيش مغتربا معرفيا يعاني من أزمة المفارقة الزمنية والانفصام، بين تخلف الفكر وحيازة المستحدث التكنولوجي؛ الأمر الذي يفضي حتما إلى التهميش والتبعية.
ومجتمع المعرفة هو الوليد الشرعي لثورة الاتصالات والمعلومات التي تحققت وتجسدت خلال العقدين أو الثلاثة عقود الأخيرة. وأفضت هذه الثورة إلى الثورة المعلوماتية التكنولوجية الآخذة في التقدم في تسارع مطرد. وحري أن ندرك أن حيازة التكنولوجيا لا تصنع تطويرا أو تقدما للمجتمع، بل تبعية. والقناعة بالحيازة والاستهلاك لا تتولد عنها حاجة موضوعية للترجمة ونقل المعرفة، سوى ما نراه من كتب عن إصلاح؛ إصلاح الراديو، وإصلاح الكومبيوتر ... إلخ، على الرغم من تدني مهارات الصيانة. وإنما التقدم الذي يحفز إلى نقل/ترجمة المعارف العلمية رهن إبداع وتطوير واستثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المنتجة للمعرفة، والتي هي الوسط وآلية التفاعل والتنافس الكوكبي للمعرفة بين القوى الفاعلة؛ أي القوى الإنتاجية الإبداعية الحاضنة للمعرفة. وها هنا تنشط الترجمة وعملية نقل المعرفة من شتى بقاع العالم استجابة لحاجة المجتمع.
ويمثل هذا التحول أزمة حقيقية وموضوعية تواجه البلدان العربية؛ مما يضعف شهيتها للمستحدث من المعرفة أو ضياعه؛ بسبب عدم وجود بنية حاضنة تستثمرها. وجدير بالذكر أن البنك الدولي يشير في تقريره عن العام 1998/1999 الذي لا يزال صادقا إلى أهم القضايا التي تواجه البلدان النامية في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات، فيوضح: (1)
طوفان المعرفة الجديدة والعجز عن الاستيعاب وعن احتضان هذا المستحدث، فضلا عن تناقضه مع منظومة العلاقات الاجتماعية في هذه البلدان وتراثها وما تقتضيه المعرفة من حرية تدفق وتفاعل. (2)
تسارع التقدم العلمي والتكنولوجي؛ مما يزيد هوة التخلف. (3)
الزيادة المطردة في المنافسة بين المجتمعات المتقدمة في إبداع المعرفة وسرعة توظيفها. ويؤدي هذا أيضا إلى تفاقم خطر ما اصطلح على تسميته الفجوة الرقمية.
معنى هذا أن المجتمع الذي عقد العزم على النهوض لا بد وأن تتوافر لديه: (1)
صورة عن المستقبل وقدرة علمية عصرية على حشد الطاقات الاجتماعية للإنجاز. (2)
نهم معرفي لتحصيل واكتساب المعارف المستحدثة عالميا لتوظيفها محليا؛ أي ترجمتها واستثمارها قرينة الإبداع المحلي استجابة لضرورة التطوير، فضلا عن إعادة هيكلة البنية والعلاقات الاجتماعية ومضاعفة رأس المال البشري.
صفحه نامشخص