ترجمه در جهان عربی: واقعیت و چالش: در پرتو مقایسه آماری روشن
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
ژانرها
لهذا فإن الخوف من الترجمة هو دعوة للانغلاق والجمود. ولهذا أيضا نرى أن الدعوة إلى الترجمة وتشجيع نشاط الترجمة بحاجة إلى إجابة على عدد من الأسئلة تكشف عن المضمون البنيوي الاجتماعي: ترجمة ماذا؟ ومن من؟ ولماذا؟ إذ يختلف الأمر حين يكون نشاط الترجمة رهن تطوير وتحديث وتحرير اجتماعي ونهوض علمي، وبين أن يكون استهلاكا وترفا. المهم ما الأسباب التي تمثل ضرورة اجتماعية؟ أي حاجة المجتمع النابعة من عملية تطوير داخلية تحدد المتطلبات اللازمة والداعمة؛ أي توفر إرادة وعمل إرادي هو اختيار بين بدائل كثيرة وثقافات عديدة لا نقع أسرى لها، ويعمل العقل العربي في ضوء ضروراته واختياراته التي هي وليدة فعل اجتماعي نشط، وصولا إلى أهدافه.
وطبيعي أن الترجمة كنشاط اجتماعي منفتح وناجح تأبى الانحصار في إطار لغة واحدة ننقل عنها، وإنما تتجه إلى لغات عديدة صاحبة إنجازات حضارية وسباقة؛ ذلك أن الانحصار داخل لغة واحدة يعني انحصارا داخل نسق ثقافي واحد لفكر مجتمع بذاته. وهذا قد يكون له سلبياته، ولكن الترجمة عن لغات عديدة تفضي إلى دعم نهج التفتح ومبدأ التعددية والتنوع والتسامح، علاوة على الاستعانة بالجديد لدعم نسق ثقافي محلي بفضل تفاعل فكري نشط، مثال ذلك؛ مدارس علم الاجتماع، أو علم الاقتصاد، أو الأنثروبولوجيا، أو الفلسفة أو النقد ... إلخ. إذا أخذنا فقط عن الولايات المتحدة الأمريكية مثلا سوف يحصرنا هذا في إطار نسق ثقافي بذاته؛ نظرا لأن العلم ليس محايدا مائة بالمائة. وتزداد التبعية لهذا الفكر أو ذاك إذا ما وقع العلم بين أيدي مجتمع عاطل عن الإنتاج العلمي .
وإذا ما استعرضنا واقع نشاط الترجمة في العالم العربي نلحظ قصورا وتدنيا شديدين كما ونوعا، ونلحظ فقدانا للتوازن بين المعارف المتنوعة، وما يشبه العزوف أو الانصراف عن العلوم الأساسية. وتكشف المقارنات الإحصائية عن أن البلدان العربية غير محددة ولا موحدة الهدف والرؤية؛ لذا تأتي الإصدارات - تأليفا وترجمة - تعبيرا عن حالة التشتت المعرفي والمستقبلي. ونجد تضاربا ومفارقة واضحين بين الحاجة الاجتماعية من منظور عصري وبين الفعل؛ أعني بين مقتضيات النهوض وبين ما يحدث فعلا ممثلا في إصدارات مؤلفة ومترجمة. ويؤكد هذا الحاجة إلى توحيد وتنسيق نشاط الترجمة، وهو ما من شأنه أن يساهم في توحيد وتنسيق البنية الذهنية أو العقل العربي. ولن يتأتى هذا إلا إذا اقترن نشاط الترجمة الموحد والمنسق مؤسسيا برؤية عربية واضحة الأهداف والفكر، فاعلة ومبدعة ومنتجة؛ أي اقتران باستراتيجية تنموية عربية، وبدون ذلك سيكون كل نشاط في مجال الترجمة حرثا في البحر.
لهذا نرى أن رسالة المؤسسة العربية للترجمة، في ضوء ما حددناه من أهداف لها في دراسة سابقة، رسالة شاقة عسيرة إذا نظرنا إليها في ضوء القصور السائد في العالم العربي، ومقتضيات النهضة من نقل المعارف كما ونوعا على نحو يجعلنا ندنو من العصر.
إن ما نحتاج إلى ترجمته كثير كثير وشديد العسر والتعقيد من معارف ومعلومات لملاحقة الجديد الذي يفيض، ومن معاجم وموسوعات تشكل أساسا للثقافة والعلم والتعليم؛ وهذا كله بحاجة إلى أموال طائلة، وجيوش من المترجمين الأكفاء المؤهلين، ثم إلى شعوب تواقة بعزم صادق إلى النهضة على أساس علمي، ومن ثم نهمة لمعرفة المزيد والمزيد؛ فالنهوض في عصر العلم لا يعرف الشبع المعرفي، بل جوع ونهم وقدرة على الاستيعاب والتمثل والإبداع والإفادة والتوظيف.
وإنشاء ونجاح مؤسسة عربية للترجمة يستلزم تغييرا جذريا حضاريا في البنية والعلاقات الاجتماعية وتهيئة مناخ عربي يتمثل في: (1)
خطة قومية ذات محاور واضحة لإطار مفهومي مؤسس على بيان حالة الترجمة وموقع الترجمة من النهضة ودورها في التنمية الثقافية الشاملة على نحو ما حاولنا أن نعرضه. (2)
خطة اختيار الكتب المترجمة على المستوى العربي، والهدف من ذلك لتكون بعض نسيج النهضة الحضارية. (3)
خطة إنشاء شبكة اتصال عربية بشأن الترجمة والتوثيق للكتب المترجمة. (4)
خطة إنشاء رابطة للمترجمين ونظام تشريعي لهم. ويمكن الاستفادة هنا بما أنجزته المنظمة العربية. (5)
صفحه نامشخص