وينظر زين إلى سامي الذي يقول: إننا نحن المسئولان عنك وعن أمنا، وليس ما اغتصبت من حقوق الناس.
وهوم الصمت مرة أخرى، فيه من الناس تنظر وارتقاب، وهو في رأس زين ضجيج وفكر يتزاحم.
وفجأة قال زين في حسم: سامي. - نعم يا أبي. - وأنت يا مأمون. - نعم يا أبي. - أما أنا فلن أبقى بعد اليوم في هذه القرية.
وساد الصمت لحظات، ثم قال: لتكن أنت العمدة يا سامي.
فقال سامي: ليس من حقك أن تعين خليفتك، فإنك لا تملك إلا أمر نفسك. - أترفض؟ - نعم أرفض. - فمن يكون العمدة؟ - هذا من حق الناس أن يقولوه. - وإن اختاروك؟ - أستعفيهم.
وتعالت أصوات. - نعم ... نعم ... نريدك أنت.
فإذا سامي يصيح فيهم: اصمتوا ... ما هذا الذي تقولون؟ لماذا تختارون ابن الظلم والقتل والرعب والجبروت أن يكون رئيسا عليكم، وأبوه هو من عانيتم منه السنين الطوال. هيهات والله لن أقبل مبايعتكم هذه، فأنتم الآن في لحظة أنا فيها أبهركم بدفعي الظلم عنكم، وما أردت بها إلا وجه الله. دعوني وقد أديت أنا وأخي رسالتنا نمضي سبيلنا، واختاروا أنتم من بينكم من ترضون عنه، فإذا ظلم واحد منكم واحدا فقط أهون ظلم فاجمعوا رأيكم وغيروه، فإنكم إن سكتم عن ظلم هين ما يلبث الظلم الغليظ أن يحيط بكم.
ويصمت القوم ويبدو الاقتناع والرضا على وجوههم، ثم يلتفت سامي إلى أبيه: أبي ... قلت إنك تريد أن تترك البلد؟ - نعم إني تاركها. - فلا شأن لك من بعد بمنصب العمدة فيها ... فهل لك مال تعيش به حيث تذهب ؟ - نعم.
ويلتفت سامي إلى الجموع: أتتركون له هذا المال؟
ويصيح الجميع: نعم.
صفحه نامشخص