طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول
طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول
ناشر
دار البصيرة
ویراست
الأولى
محل انتشار
الإسكندرية
ژانرها
٣١ - وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورُهبانهم أرباباً من دون الله ، حيث أطاعوهم في تحليل ما حرَّم الله، وتحريم ما أحلَّ الله، على وجهين.
أحدهما: أن يعلموا أنهم بدَّلوا دين الله، فيتبعوهم على التبديل، فيعتقدون تحريم ما أحلَّ الله ، وتحليل ما حرَّم الله ، اتباعاً لرؤسائهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركاً، وإن لم يكونوا يصَلُّون لهم، ويسجدون لهم، فكان من اتبع غيره في خلاف الدين، واعتقد ما قاله ذلك، دون ما قاله الله ورسوله، مُشركاً مثل هؤلاء.
الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحليل الحلال وتحريم الحرام ثابتاً، لكنهم أطاعوهم في معصية الله ، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها (معاصٍ)، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب.
٣٢ - ثم ذلك المحرِّم للحلال، والمحلل للحرام، إن كان مجتهداً قصده اتباع الرسول، لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر، وقد اتقي الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه، بل يُثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه. ولكن من علم أن هذا خطأ فيما جاء به الرسول، ثم اتبعه على خطئه، وعدل عن قول الرسول، فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمَّه الله ، لاسيما إن اتبع في ذلك هواه، ونصره باللسان واليد، مع علمه أنه مخالف للرسول. فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه. ولهذا اتفق العلماء على أنه: إذا عرف الحق، لا يجوز تقليد أحد في خلافه، وإنما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على الاستدلال. وإن كان عاجزاً عن إظهار الحق الذي يعلمه، فهذا يكون كمن عرف أن دين الإسلام حق، وهو بين النصارى، فإذا فعل ما يقدر عليه من الحق، لا يؤاخذ بما عجز عنه.
٣٣ - وأما إن كان المتبع للمجتهد عاجزاً عن معرفة الحق عن التفصيل، وقد فعل ما يقدر عليه مثله من الاجتهاد في التقليد، فهذا لا يُؤاخذ إن أخطأ، كما في القبلة.
15