وكان أسعد بن أبي يعفر وابن عمه عثمان بن أبي الخير قد وثبا على صنعاء بعد فرار ابراهيم بن خلف ، فأحسنا إلى أبي القاسم محمد بن الإمام وسيراه الى شبام وكانا يغدوان على جفتم كل يوم فارادهما على تسليم الأمر إليه فاستنظراه وعرف انهما يماطلانه ، ويراوغان ، فكبسهما وأرادا أن يهربا فلم يتمكنا فخرجا في مواليهما ، ومن أنضم إليهما من أهل صنعاء وحاربا جفتما وقتلاه وجماعة من أصحابه ومال الجيش إليهما ، ويقال أن بعض أهل صنعاء أكل من لحم جفتم تشفيا وانتقاما لما كان يرتكبه أصحابه من المنكرات والقبائح (1) ثم ان أسعد بن أبي يعفر وثب على ابن عمه عثمان بن ابي الخير فحبسه واستبد بالأمر وحده إلى سنة 293 كما سيأتي.
ولما قتل جفتم حاذر أبو القاسم محمد بن الإمام أن يبدو لآل يعفر في أمره ما لا يحمد ، وعزم على الخروج من شبام خلسة تحت جلباب الظلام فاتفق مع رجلين من خولان ، وتواعدوا لليلة معينة ، ينتظرانه الخولانيان بفرس معد خارج البلد في موضع معين ، وفي تلك الليلة بادر ابو القاسم (2) فتدلى من السور ، وتبعه أصحابه وقصدوا المحل الذي تم الإتفاق على إنتظار الخولانيين فيه ، وكان الليل قد تولج ، والنجم قد تبلج ، ولم يجدوا السروجي ولا المسرج (3)، وبينما هم كذلك إذ ظهر أمرهم على الحامية التي في الطريق ، فأمسكوهم ، وأرجعوهم إلى شبام ، وعلم بما كان الأمير عبد القاهر ابن ابي الخير الحوالي فجرى بينه وبين أبي القاسم كلام ، وأمر باعادتهم إلى المنزل الذي كانوا فيه ، فكتب أبو القاسم إلى أسعد وعثمان كتابا يشكو طول مقامه وضجره ، بموضعه ، فأرسلا إليه بدواب وخلع وسيف ونقود ، وكتبا يعتذران إليه وكتبا أيضا إلى علي بن الحسين الأقرعي ليرافقه في الطريق وسيراه معززا مكرما ، ولما وصل ريدة تلقته عمال الدعام فصرف رفيقه
صفحه ۱۰۹