تأليف
أسعد خليل داغر
مقدمة
الحمد لله الذي ليس لسوابغه حصر ولا لنوابغه عد، كما أنه ليس له بداءة فتؤرخ ولا نهاية فيوضع لها حد.
أما بعد، فلما كان فن التاريخ من أجل المنافع للإنسان، وأفضل الذرائع لتدرجه في مرقاة الحضارة والعمران؛ لأنه مشكاة تنقشع لديها دياجير القدمية عن محيا الحوادث في غابر القرون والأجيال ومرآة تنطبع عليها تصاوير الوقائع الماضية كأنها في زمان الحال، فتمرح في حلباته ضوامر النواظر، وتسرح في فلواته غزلان الخواطر؛ لاجتناء يانع الفضائل من أجارع المفيدات المرشدات، واجتناب فواقع الرذائل من صوادع المنذرات الموعدات، ولما كان تاريخ وليم الظافر، الملقب بالقاهر، من أجلها نفعا، وأعظمها في النفوس وقعا، رأيت أن ألم به بعض الإلمام إفادة للقراء الكرام والسلام.
تمهيد
إن الشهرة التي حازها هذا البطل المقدام، والأسد الضرغام، كانت بافتتاحه بلاد الإنكليز عنوة، واستيلائه على مقاطعاتها، واستوائه على عرش ملكها. وهذا كله يعرف في التاريخ بغلبة النورمان - سكان نورماندي - الذين منهم وليم الظافر.
على أن الأسباب التي مهدت سبيل الجلوس على العرش الإنكليزي لم تكن مجرد القوة الحربية فقط؛ لأنه كان له في العرش حق ادعاه على ملكها، وحمل عليه طالبا تحصيله على ما سيأتي معنا إن شاء الله.
الفصل الأول
نورماندي
صفحه نامشخص