163

تأريخ واسط

تأريخ واسط

پژوهشگر

كوركيس عواد

ناشر

عالم الكتب

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٦ هـ

محل انتشار

بيروت

يُحِبُّهُمَا إِلا مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَلا يُبْغِضُهُمَا إِلا مُنَافِقٌ رَدِيءٌ، صَحِبَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ، يَأْمُرَانِ وَيَنْهَيَانِ وَيَقْضِيَانِ فَمَا يُخَالِفَانِ فِيمَا يَصْنَعَانِ رَأْيَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَرَى مِثْلَ رَأْيِهِمَا رَأْيًا وَلا يُحِبُّ كَحُبِّهِمَا أَحَدًا. فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ عَلَيْهِمَا رَاضٍ. أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ ﵁ فَصَلَّى بِالنَّاسِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ ﵇، وَلاهُ الْمُؤْمِنُونَ «٤٧» ذَلِكَ وَفَوَّضُوا إِلَيْهِ الزَّكَاةَ لأَنَّهُمَا مُقْتَرِنَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَا أَوَّلُ مَنْ سَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ لِذَلِكَ كَارِهٌ يَوَدُّ لَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنَّا كَفَاهُ ذَلِكَ. فَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ وَأَرْأَفَهُ رَأْفَةً وَأَرْحَمَهُ رَحْمَةً وَأَثْبَتَهُ وَرَعًا وَأَقْدَمَهُ سِنًّا وَإِسْلامًا، شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمِيكَائِيلَ ﵇ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَبِإِبْرَاهِيمَ ﵇ عَفْوًا وَوَقَارًا. فَسَارَ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ. وَوَلِيَ الأَمْرَ عُمَرُ ﵁ بَعْدَهُ، فَأَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ [١٥٢] وَصَاحِبِهِ، يَتَّبِعُ آثَارَهُمَا كاتّباع الفصيل «٤٨» أثر أمّه. وكان الله شَفِيقًا بِالضُّعَفَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ عَوْنًا وَنَاصِرًا لِلْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ، لا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْحَقِّ عَلَى لِسَانِهِ، وَجَعَلَ الصِّدْقَ مِنْ شَأْنِهِ، حَتَّى كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ مَلِكًا يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِ، أَعَزَّ اللَّهُ بِإِسْلامِهِ الإِسْلامَ، وَجَعَلَ هِجْرَتَهُ لِلدِّينِ قِوَامًا، أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَحَبَّةَ وَفِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ الرَّهْبَةَ، شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِجِبْرِيلَ ﵇، فظّا غليظا، وبنوح ﵇ حَنِقًا مُغْتَاظًا. الصَّبْرُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَقَرُّ لِعَيْنِهِ. فَمَنْ لَكُمَا بِمِثْلِهِمَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَرَزَقَنَا الْمُضِيَّ عَلَى مِثْلِ سَبِيلِهِمَا، فَإِنَّهُ لا يُبْلَغُ مَبْلَغَهُمَا إِلا بِاتِّبَاعِ آثَارِهِمَا وَالْحُبِّ لَهُمَا، فَمَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ. وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي أَمْرِهِمَا، لَعَاقَبْتُ عَلَى هَذَا أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ. وَلَكِنْ لا يَنْبَغِي قَبْلَ التَّقَدُّمِ. أَلا وَمَنْ أُوتِيتُ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ يَقُولُ هَذَا، فَعَلَيْهِ مَا عَلَى

1 / 167