تاریخ امت در عصر خلفای راشدین
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
ژانرها
ولما أسلم عمر كمل عدد المسلمين أربعين شخصا، فنزل جبريل على الرسول بقوله سبحانه:
يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين .
وثمة رواية أخرى تروى عن عمر نفسه ذكرها ابن إسحاق، وهي قوله: إن عمر كان يقول: كنت للإسلام مباعدا، وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها، وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزورة عند دور آل عمر بن عمر عبد المخزومي، فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك، فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا، فقلت: لو أني جئت فلانا، وكان بمكة يبيع الخمر، لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها، فخرجت فجئته فلم أجده، فقلت: فلو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين، فجئت المسجد أريد الطواف، فإذا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قائم يصلي، وكان إذا صلى استقبل الشام، وجعل الكعبة بينه وبين الشام، فكان مصلاه بين الركنين، الركن الأسود، والركن اليماني، فقلت حين رأيته: والله لو أني استمعت من محمد الليلة حتى أستمع ما يقول، فقلت: لئن دنوت أسمع منه لأروعنه، فجئت من قبل الحجر فدخلت من تحت ثيابها، فجعلت أمشي رويدا ورسول الله قائم يصلي يقرأ القرآن، حتى قمت في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت، ودخلني الإسلام، فلم أزل قائما في مكاني ذلك حتى قضى رسول الله صلاته ثم انصرف.
وبعد؛ فإن هاتين الروايتين في سبب إسلام عمر هما أجمع الروايات وأقربها إلى المنطق والصواب، وهما - كما نظن - يبينان الأسباب الرئيسية التي حدت بعمر إلى اعتناق الدين الجديد، وهناك روايات أخرى لا تختلف في جوهرها عنهما إلا أنها تزيد أو تنقص في التفصيلات، والأخبار - وأكبر ظننا أن ذلك كله راجع إلى خبر واحد وقصة واحدة - بدأت باستماع عمر للرسول وهو يتلو القرآن ويصلي في الكعبة، وانتهت بذهابه إلى بيت أخته، ثم انتهت بإعلانه إسلامه في دار الأرقم بن أبي الأرقم.
ولا ريب عندنا في أن العامل الحقيقي في سبب إسلامه هو تأثره الشديد بالقرآن، وبما تلي عليه من آياته المعجزة الباهرة، ولا غرو فقد كان عمر من أفصح العرب وأكثرهم علما بالقول البليغ؛ ولذلك لم يتمالك حين استمع إلى ما استمع من آي الذكر الحكيم إلا أن يسلس قياده ويركع أمام بلاغة القرآن، وكيف لا يركع لآي الذكر المجيد ويطرب لها، وهو يطرب لقول حكيم الشعراء زهير بن أبي سلمى حين يردد قوله:
فإن الحق مقطعه ثلاث
يمين أو نفار أو جلاء
ثم يقول: ما أحسن ما قسم! وإنه لشاعر لا يعاظل بين القوافي، ولا يتبع حوشي الكلام . وروي عنه أنه ربما قضى الليلة وهو ينشد شعره حتى يبرق الفجر، فيقول لجليسه: الآن اقرأ. وروى الأصمعي: أن عمر ما قطع أمرا إلا تمثل فيه ببيت من الشعر. ولما قدم وفد غطفان عليه سألهم: من الذي يقول:
صفحه نامشخص