تاریخ امت در عصر خلفای راشدین
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
ژانرها
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1
ثم إنه دعا عمر، فقال له: يا عمر، اتق الله، واعلم أن الله عملا بالنهار لا يقبله بالليل، وعملا بالليل لا يقبله بالنهار، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى فريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم، وحق لميزان لا يكون فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا، وإنما خفت موازين من خفت موازينه باتباعهم الباطل، وحق لميزان لا يكون إلا الباطل فيه أن يكون خفيفا، وإن الله ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم، وتجاوز عن سيئاتهم، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأخاف ألا ألحق بهم، وإن الله ذكر أهل النار وذكرهم بأسوأ أعمالهم ورد عليهم أحسنها، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأرجو ألا أكون مع هؤلاء؛ ليكون الصدر راغبا راهبا، لا يتمنى على الله، ولا يقنط من رحمته، فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت، ولست تعجزه، وإن لم تحفظ وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت.
2
ويظهر أن بعض الطامعين في الخلافة قد تألموا من عهد أبي بكر لعمر، فأخذوا يتقولون بعض الأقاويل، ولما علم أبو بكر بذلك قال لعبد الرحمن بن عوف وقد دخل عليه يعوده: إني وليت أمركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم أنفه من ذلك، يريد أن يكون الأمر له دونه، ورأيتم الدنيا قد أقبلت ولما تقبل، وهي مقبلة، حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج، وتألموا الاضطجاع على الصوف الآذري كما يألم أحدكم أن ينام على حسك السعدان، والله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يخوض في غمرة الدنيا، وأنتم أول ضال بالناس غدا، فتصدونهم عن الطريق يمينا وشمالا، يا هادي الطريق، إنما هو الفجر أو البحر.
فقال عبد الرحمن: خفض عليك رحمك الله! فإن هذا يهيضك في أمرك، وإنما الناس في أمرك بين رجلين: إما رجل رأى ما رأيت فهو معك ، وإما رجل خالفك فهو مشير عليك، وصاحبك كما تحب، ولا نعلمك أردت إلا خيرا ولم تزل صالحا مصلحا، وإنك لا تأس على شيء من الدنيا.
فقال أبو بكر: أجل، إني لا آسى على شيء من الدنيا.
3
ثم إنه لما اشتد عليه الوجع قال لأهله: ردوا ما عندنا من مال المسلمين، فإني لا أحب من هذا المال شيئا، وإن أرضي التي بمكان كذا وكذا هي للمسلمين بما أصبت من أموالهم، فادفعوا ذلك إلى عمر ولقوحا وعبدا وقطيفة ما تساوي خمسة دراهم. فقال عمر: لقد أتعب من بعده. ثم إنه أوصى أن تغسله السيدة أسماء بنت عميس، وأن يدفنوه من ليلته، ولا ينتظروا به الغد، وأن يدفن إلى جانب رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، ولما قارب أن يلفظ أنفاسه الأخيرة أتته عائشة، فأرادت أن تكلمه في طلحة بن عبيد الله، فإذا هو يحشرج، فقالت: إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر، فقال لها: يا بنية أو غير ذلك،
صفحه نامشخص