عصر ازدهار: تاریخ امت عربی (بخش پنجم)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
ژانرها
ويدخل فيه ما وظف على الأرض الخراجية وجزية أهل الذمة وموارد العشور.
أما الخراج فهو المال الموظف على الأراضي الخراجية، وقد قرره أبو يوسف في هذا أن سواد العراق وبلاد الجزيرة والشام لما فتحت في عهد عمر ترك الأرضين لأصحابها على أن يدفعوا الخراج عنها لبيت مال المسلمين، بعد أن مسحها فبلغت 36 مليون جريب، فوظف على كل جريب مقادير معينة من الدراهم والأطعمة، تختلف بحسب الأرض وغراسها، من درهمين إلى عشرة لكل جريب، وقد بلغت جباية خراج السواد قبيل وفاة عمر بعام مبلغ مائة ألف ألف درهم (مائة مليون درهم)، ولم ير أبو يوسف ما قرره عمر في تحديد الخراج أمرا لازما، بل أفتى أنه يجوز للخليفة إذا رأى مصلحة الناس في المقاسمة أن يجيزها، وقد بحث أبو يوسف في هذه الناحية بحوثا مطولة يحسن الرجوع إليها لمن يريد التوسع في هذا الأمر.
وأما جزية أهل الذمة فهي الأموال التي وضعها المسلمون على رءوس سكانها من غير المسلمين في البلاد المغلوبة، مقابل حماية المسلمين لهم والدفاع عنهم في الحروب، أما من يستعان به منهم في الحروب فلا يدفعها، الجزية فيما عدا هؤلاء واجبة على كل كتاب نصراني أو يهودي، ما خلا نصارى بني تغلب وسكان نجران، وأطفال عامة النصارى واليهود ونسائهم وشيوخهم ورهبانهم وعجزتهم، وليس على مواشيهم وأموالهم زكاة، وقد قرر أبو يوسف أن الجزية على ثلاث درجات: (1) درجة الأغنياء ويدفعون 48 درهما صحيحا. (2) المتوسطون ويدفعون 24 درهما صحيحا. (3) العمال ويدفعون 12 درهما صحيحا. أما نصارى تغلب ونجران فتؤخذ منهم زكاة المسلمين مضاعفة.
وأما موارد الخراج من العشور فهي موارد لم يذكرها القرآن ولا عرفت في عهد الرسول، ولكن أحدثها عمر لما كتب إليه أحد عماله وهو أبو موسى الأشعري حينما كان في البصرة: «إن قبلنا تجارا من المسلمين يذهبون إلى أرض العدو فيأخذون منهم العشر على تجاراتهم.» فكتب إليه عمر: «خذ أنت منهم في أرضنا كما يأخذون من تجار المسلمين في أرضهم، وخذ من أهل الذمة نصف العشر، وخذ من المسلمين درهما من كل أربعين درهما، وليس فيما دون المائتين شيء، فإذا كانت مائتين ففيها خمسة دراهم وما زاد فبحسابه.»
وأما مصارف بيت مال الخراج فهي: (1) رواتب القضاة والولاة والعمال. (2) مرتبات العسكر المجاهدين غير المتطوعين. (3) كري الأنهار وحفرها وإصلاح مجاريها. (4) حفر الترع الجديدة. (5) نفقات المسجونين من المسلمين والأسرى من المشركين. (ج) الصدقات
وهي ما يؤخذ من المسلمين زكاة أموالهم من الأنعام والنقود وأموال التجارة وأعشار الأرض غير الخراجية، على ما هو مفصل في كتب الفقه، ومصارف الصدقات هي ثمانية أصناف ذكرتها الآية الكريمة:
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله .
هذا هو عرض موجز لموارد الدولة الإسلامية ومصارفها كما أقره الشرع الإسلامي الحنيف، وبينه الإمام أبو يوسف في كتابه في الخراج، ونرى ها هنا أن نزيد على ذلك كلمة موجزة عن نظام مالي له علاقة بنظام الأراضي، وهو نظام القطائع فنقول:
القطيعة أرض يمنحها الإمام لبعض الممتازين بفعالهم من المسلمين، ويذكر الإمام أبو يوسف في «كتاب الخراج» والسرخسي في «كتاب المبسوط» أن عمر بعد أن تم له الفتح العراقي اصطفى من أرض السواد ما كان لكسرى وحاشيته وقواده، وقد بلغ ذلك نحوا من أربعة آلاف ألف (مليون) جريب، كان يقطعها من أراد من رجالات الإسلام، قال أبو يوسف: «وذلك بمنزل المال الذي لم يكن لأحد ولا في يد وارث، والإمام مخير في القطائع أن يجعلها عشرية أو خراجية إن كانت تسقى من أنهار الخراج.» ويرى أبو يوسف أيضا أنه لا يصح أن تبقى في ديار الإسلام أراض لا ملك لأحد فيها ولا عمارة حتى يقطعها الإمام، فإن ذلك أعمر للبلاد.
وإذا كانت في البلاد المفتوحة أراض لا أثر فيها لزراعة أو بناء فهي «أرض موات» ومن أحياها فهي له، وللإمام أن يقطع ذلك من أحب، وله أن يؤاجره بما فيه صلاح الأرض، ويقول أبو حنيفة: «إن محيي الأرض لا يملك ما أحيا إلا بإذن الإمام، وإذا كانت من الموات في أرض العشر أدى عنها العشر، وإذا كانت في أرض الخراج دفعه عنها، وإن احتفر لها بئرا كانت أرض عشر، أما إن ساق إليها ماء الخراج فهي خراجية، والأراضي التي تنكشف من الجزر في النهر فهي لمن تلاصق أرضه بشرط ألا تضر بأحد أو بسير السفن، وكذلك ما عولج من البطائح والآجام.» (6) الحياة العقلية والثقافية في عصره
صفحه نامشخص