عصر ازدهار: تاریخ امت عربی (بخش پنجم)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
ژانرها
أما «سنباد» الذي أشار إليه المستشرق «براون» فهو متنبئ قام بعد قتل أبي مسلم معلنا عن نهاية الملك العربي، وأنه سيهدم الكعبة، وقد عظم أمره حتى استولى على الري بعد مقتل أبي مسلم، وقبض على ما كان فيها من خزائن أبي مسلم، ولولا حزم الخليفة أبي جعفر في القضاء على حركته التي كانت تقوى بسرعة عجيبة للقيت الدولة الفتية منه بلاء خطيرا، وليست حركة «إسحاق الترك» دون حركة «سنباد»، وإسحاق هو أحد أعوان أبي مسلم، بعثه إلى بلاد الترك أميرا، فلما قتل أبو مسلم ثار هناك، وزعم أن أبا مسلم لم يقتل، وأنه سيخرج في وقت سماه، ويظهر أن إسحاق قد جمع حوله كل «المبيضين» وهم الذين ثاروا على الدولة لقتلها أبا مسلم، وقام بحركته التي ما لبثت أن عمت بلاد ما وراء النهر وإيران، ولولا أن أبا داود والي خراسان استطاع أن يقبض عليه ويقتله لكان للحركة آثار خطيرة، ولما قتل اختفى المبيضة، ويقول ابن النديم: «إن المبيضة ظلوا حتى القرن الثالث، وكان بعضهم يعيش في بعض قرى بلخ.»
20
وصفوة القول أن حركة التمرد ضد الإسلام قد قويت جدا في عهد المنصور، فعمل على القضاء عليها وإنقاذ البيئة الإسلامية من فتنها، وسنرى بعد أن الخليفة المهدي هو الذي قام قومته في سبيل ذلك وقضى على الزنادقة القضاء المبرم. (1-7) توجيه العلاقات الخارجية السياسية
لم يكتف المنصور بتنظيم أحواله الداخلية، بل اتجه إلى الخارج فدرس أحواله دراسة متفحص، ووجد كما رأينا في النقطة الرابعة أن خصومه الأقوياء هم البيزنطيون، فوجه همته إلى تحصين حدوده من جهتهم، وأعاد بناء مدن «مرعش» و«المصيصة» وحصن قلاعهما، ثم اتجه نحو ثغور الجزيرة والدروب فقواها، ويذكر البلاذري أن في سنة 139ه أمر المنصور بجمع الصناع من كل بلد للاشتغال بتحصين أعظم ثغور الدولة، وهو مدينة «ملطية»، فتم له ذلك في نصف سنة، وأنه بنى للجند الذين سكنوها بيوتا وقلاعا، كما «بنى للجند ... لكل عرافة - وهي مكونة من عشرة جنود إلى خمسة عشر وعليها عريف - بيتين سفليين وعليتين فوقهما وإسطبل ... وأسكن «ملطية» أربعة آلاف مقاتل من أهل الجزيرة؛ لأنها من ثغورهم، ووضع فيها شحنتها من السلاح وأقطع الجند المزارع.»
21
ومما فعله المنصور أيضا من أعمال تحصين حدوده نحو البيزنطيين بناؤه «مدينة الرافقة» على الفرات سنة 155ه كما أشرنا إلى ذلك، وقد جعلها على نمط «مدينة بغداد» ورتب فيها الأجناد الخراسانيين وقوى حصونها، وأكثر فيها من السلاح والذخيرة والميرة؛ لتكون مقر حركاته في حروبه مع الروم، ثم اتجه إلى حدوده المتاخمة لبلاد الخزر
22
فقواها وبنى فيها القلاع، وجدد بناء مدينة «كمخ» و«المحمدية» و«باب واق»، وأنزل فيها المقاتلة وأقطعهم الأراضي وكثر أموالها وذخيرتها.
23
ولما رأى أن شمال إفريقية بقعة تعج فيها الثورات والحركات على يد الخوارج والبرابر، بعث بيزيد بن حاتم المهلبي سنة 154ه في جيش كبير قوامه 50 ألف مقاتل فمهد البلاد ودخل القيروان، وحاول استعادة ملك الأندلس ولكنه لم يفلح، ويقال إنه راسل ملك الفرنج الميروفنجيين في سنة 765م الملك ببن القصير وبعث إليه وفدا، فأجابه هذا بإرسال وفد مثله، وعملا على توطيد العلاقات بينهما، ولكن معلوماتنا قليلة عن مدى نجاح هذه الرحلة وما أنتجته.
صفحه نامشخص