عصر ازدهار: تاریخ امت عربی (بخش پنجم)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
ژانرها
الشراء بالعملات العربية أو العملات الأجنبية. (3)
استعمال السفاتج المالية والصكوك.
وقد شاعت في بلاد الإسلام العملات الذهبية والفضية، على أن بعضها يختلف عن بعض، فبلاد فارس والغرب كانت عملتها الغالبة الدراهم الفضية، وكذلك كان الأمر في العراق، أما الشام ومصر والحجاز واليمن وشمال إفريقية فكان الأكثر استعمال الدنانير الذهبية، ويذكر يحيى بن آدم في «كتاب الخراج» أن العملة في العراق هي الدراهم، وفي الشام الدينار، وفي مصر الدينار أيضا، أما بلاد فارس والمشرق فتستعمل الدراهم لا الدنانير، وقد لاحظنا ذلك في الجداول التي نقلناها عن ابن خلدون.
وكانت معاملات بيت مال الخلافة أكثر ما تكون بالدراهم، والدرهم على الأكثر يساوي «6» دوانق، والدانق «12» قيراطا، والقيراط «24» طسوجا، والطسوج «48» حبة، أما الدينار فيختلف صغيرا وكبيرا وقيمة وجنسا، وقد كان في القرنين الثالث والرابع يساوي نحو «24» درهما.
أما أشهر الناس بالتجارة في ذلك العصر فهم العراقيون والمصريون خاصة ثم اليمنيون، يقول ابن الفقيه الهمذاني في «كتاب البلدان» (ص290): «وقالوا: أبعد الناس نجعة في الكسب بصري أو حميري.»
والمدينة التجارية الوحيدة التي كانت تلي بغداد في التجارة ذلك العصر هي الإسكندرية، قال المستشرق ميتز:
14 «صارت التجارة الإسلامية هي السيدة في بلادها، وكانت سفن المسلمين وقوافلهم تجوب كل البحار والبلاد، وكانت الإسكندرية وبغداد هما اللتان تقرران الأسعار للعالم في ذلك العصر، للبضائع الكمالية على الأقل، وكان التجار اليهود الذين يأتون من مقاطعة بروفانس بفرنسا يسمون عند المسلمين في القرن الثالث باسم مجرد وهو «تجار البحر»، وقد وصفهم المسلمون بأنهم يسافرون بين الشرق والغرب ويحملون من «فرنجة» الخدم والغلمان والجواري والديباج والخبز الفائق والفراء والسمور، فيركبون البحر من «فرنجة» ويخرجون إلى الفرما، ويحملون تجاراتهم على الظهور إلى القلزم، ثم يركبون البحر الشرقي من القلزم إلى جدة والجار، ثم يمضون إلى السند والهند والصين، فيحملون من الصين المسك والعود والكافور والدارصيني وغير ذلك، ويرجعون إلى القلزم ثم يتحولون إلى الفرما، ويركبون البحر الغربي، فربما عدلوا بتجارتهم إلى القسطنطينية فباعوها للروم، وربما صاروا بها إلى بلاد «الفرنجة»، وإن شاءوا حملوا تجاراتهم في البحر الغربي فخرجوا بأنطاكية وساروا برا إلى الفرات فركبوا دجلة إلى الأبلة إلى عمان والهند والصين، وكانوا يتكلمون العربية والإفرنجية والفارسية والرومية، وهم تجار اليهود الذي يقال لهم «الراهدانية» أو «الرذانية»، ومما هو معلوم أن الإسلام حرم الربا كما حرم المضاربة، ولكن اليهود والنصارى قد استطاعوا أن يلعبوا في هذا دورا كبيرا، وكانوا منذ عهد الرشيد يقومون بعمليات الربا الفاحش والمضاربات البالغة، فقد ذكر ياقوت في معجم الأدباء (ج5، 458) أنه كان في عصر المأمون تاجران متواخيان في شراء غلات العراق، فأشرفا على ربح عشرة آلاف ألف درهم، ثم اتضع السعر فخسرا ستة آلاف ألف .»
وأما الصناعة:
فقد ظلت في عصر المأمون كما كانت عليه قبلا، وكانت الأقاليم الإسلامية تنتج الصناعات التي تحدثنا عنها في عصر الرشيد، ونضيف أن العالم الإسلامي اشتهر في هذا الحين ببعض المنسوجات كالشاش الموصلي والخز البصري والسقلاطون البغدادي والعمائم الكوفية؛ وغير ذلك من الثياب المزركشة التي اقتضت وجودها طبقات السكان من نبلاء ووزراء وقادة وجنود ورؤساء وعلماء؛ لأن كل واحد من هؤلاء كان ذا زي خاص، وكان للخليفة دار نسيج خاصة به تسمى «دار الطراز» تصنع فيه المنسوجات الخليفية المنقوشة المطرزة بالأدعية وألقاب الخلافة، ووجدت في العراق صناعات أخرى بارعة كصناعات الخزف المنقوش الجميل، وصناعات الحديد والفولاذ والفضة والذهب والجواهر الكريمة والآلات الفلكية والساعات الدقاقة والمزولات، وصناعات النجارة المنقوشة والمطعمة والمكفتة، وصناعات السفن والحراقات النهرية والبحرية، وصناعات الصابون والزيت والعطور والأدهان والطيوب، وصناعات الخمور والأنبذة والكحول وما إلى ذلك.
ومن الصناعات التي ازدهرت في عصر الرشيد صناعة الوراقة وما يتبعها من النسخ والتجليد والزخرفة، قال ابن خلدون (في المقدمة، ص498): «طما بحر التأليف والتدوين، وكثر ترسل السلطان وصكوكه وضاق الرق عن ذلك، فأشار الفضل بن يحيى بصناعة الكاغد وصنعه، وكتب فيه رسائل السلطان وصكوكه، واتخذه الناس من بعده صحفا لمكتوباتهم السلطانية والعلمية، وبلغت الإجادة في صناعته ما شاءت.»
صفحه نامشخص