عصر اتساق: تاریخ امت عرب (جلد چهارم)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
ژانرها
31
أما في المشرق فقد طلب معاوية إلى أميره على بلاد السند أن يوغل في الفتح، فسار حتى بلغ بلاد «القيقان» فغنم ثم رجع، ولما عاد ثانية إلى ملك الديار قتل، كما طلب إلى المهلب بن أبي صفرة أن يتم فتح بلاد السند، فسار حتى وصل لاهور.
32
وولى سعيد بن عثمان بن عفان خراسان سيده للفتح بسمرقند، ففتح وغزا وأصيبت عينه هناك، وملك كثيرا من بلاد الصغد، ورجع غانما، ثم أعاد الكرة فقتل هناك.
33
وأما في الغرب فإنه أمر في سنة 50 عقبة بن نافع، الذي كان يرابط ببرقة وزويلة بعشرة آلاف جندي من أهل الشام لفتح إفريقيا (تونس)، فتم له فتحها، وأسلم على يديه كثيرون من البربر أدخلهم في جيشه، وحسن بلاؤهم، واستعان بهم في فتح السودان، وكان هؤلاء البربر نواة الجيوش الإسلامية التي تممت فتح شمال إفريقية والأندلس. وقد كان لعقبة بلاء عظيم في فتوح إفريقية ونشر الإسلام بين ربوعها، وهو الذي مصر مدينة القيروان؛ لتكون لهم معسكرا ولأهلهم مقرا.
وفي عهد معاوية ظهر الجراجمة (أو المردة)، كما يسميهم المؤرخون المسلمون، وهم سكان جبال لبنان، الذين تحصنوا في قللهم حينما فتح المسلمون ديار الشام، وتغلبوا على سهولها وسواحلها، ولم يستطيعوا الوصول إلى هؤلاء فتركوهم. قال المطران الدبس في تاريخ سورية: إن الخلفاء الراشدين صرفوا اهتمامهم، عند أخذ سورية وطردهم ملوك الروم منها، إلى فتح مدنها، ولم يكترثوا لسكان جبالها؛ لقلة أهميتها وعدم المنفعة منها، ولتعسر مسالكها، وإن ملوك الروم ما انقطعت مطامعهم في استردادها، وظلوا يوسوسون لسكانها؛ ليلبكوا أمرها، ولا تستقيم حالها؛ ليتيسر لهم العود إليها، كما حاولوا مرات فلم يظفروا؛ فمن ذلك أنهم وسوسوا للموارنة، وكانت مساكنهم في الجبال من جبال الجليل إلى جبال أنطاكية، فلبكوا حكومتهم وتوافرت غزواتهم في السهول، حتى اضطروا بعض الخلفاء أن يعقد صلحا مع ملوك الروم. ثم ينقل عن المؤرخ توافان أن المردة خرجوا من لبنان فضبطوا كل ما كان من الجبل الأسود (جبل الأقرع) إلى المدينة المقدسة، واستحوذوا على قمم لبنان، وانضم إليهم كثير من العبيد والأسرى والوطنيين، حتى أصبح عددهم ألوفا في مدة وجيزة، وسمع معاوية وأصحاب مشورته بذلك فخشوا جدا من عاقبته، وأرسلوا وفدا إلى قسطنطين يطلبون الصلح، ويعدون بوفاء جزية كل سنة، فتقبل الملك وفدهم بالإعزاز، وأوفد معهم إلى سورية البطريق يوحنا المسمى بتسيكود ... وقابله معاوية بالترحاب، وبعد المداولة بشروط الصلح قر رأيهم على كتابة عهدة موثقة باليمين، على أن يدفع العرب كل سنة إلى الرومانيين ثلاثة آلاف ذهب وثمانية آلاف أسير، وخمسين جوادا من الخيل الجياد، بين الرومانيين والعرب على هذه الشروط إلى ثلاثين سنة، ودونت العهدة ووقع على نسختين منها؛ لكل فريق نسخة، وعاد ذاك الرجل الشهير البطريق يوحنا إلى الملك بهدايا نفيسة جدا (ويظهر أن ما يذكره تيوفان هو ما فعله معاوية حين وقعت الفتنة بينه وبين علي، وإنما رضي بذلك لئلا يثير عليه هؤلاء بينما هو منصرف إلى محاربة علي). (5) الأمور الإدارية
أوليات معاوية في الإدارة
كان معاوية من دهاة الرجال ومؤسسي الممالك، بدرت منه بوادر النجابة وهو شاب؛ فقد روى ابن حجر عن المدائني قال: نظر أبو سفيان إلى معاوية وهو غلام فقال: إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه. فقالت هند: قومه فقط! ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة.
34
صفحه نامشخص