عصر اتساق: تاریخ امت عرب (جلد چهارم)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
ژانرها
وكانت «الولاية الثانية» تشتمل على إسبانية الوسطى من البحر إلى حدود البرتغال ونهر دورو، وأشهر مدنها طليطلة على نهر تاجة، وقونقة، وسقوبية، وبلنسية، ودانية، ولقنت، وقرطاجنة، ويورقة، ومرسية، وبسطة.
وكانت «الولاية الثالثة» تشتمل على إقليمي جبليقية ولوزبتانية، وأشهر قواعدها ماردة، ويابرة، وباجة، وإشبونة، وقلمرية، ولك، واسترقة، وشلمنقة.
وكانت «الولاية الرابعة» تشتمل على الأرض الممتدة من نهر دورو إلى جبال البرانس «البرت» على ضفتي نهر إبرة، وأشهر قواعدها سرقسطة، وطرطوشة، وطركونة، وبرشلونة، وأرقلة، وبلد الوليد، ووشقة.
أما «الولاية الخامسة» فتشتمل على المقاطعات الواقعة شمالي جبال البرانس، وأشهر مدنها أربونة، ونيمة، وقرقشونة، ويزيية، وأجدة، ولوديف.
وقد نزلت القبائل العربية في هذه الولايات كل واحدة في البقعة التي أعجبتها، فنزل أهل دمشق بقرطبة، وأهل حمص بإشبيلية، وأهل حلب وقنسرين بحيان، وأهل فلسطين بشذونة والجزيرة ومالقة، وأهل اليمن بطليطلة، وأهل العراق بغرناطة، وأهل مصر بماردة وإشبونة، وأهل الحجاز بالمدن الداخلية، وأهل فارس بشريش.
8
وقد أسلفنا أن موسى بن نصير قد سمى ولده عبد العزيز لحكم الأندلس، وقد أقره الخليفة سليمان بن عبد الملك على هذه التسمية، فكان صالحا في إدارته، إلى أن ثار عليه وزيره حبيب بن أبي عبدة العمري، وقتله وهو في صلاته سنة «97ه/716م»، وبعث برأسه إلى دمشق تقربا من الخليفة الذي نظن أنه هو الذي دبر له هذه المؤامرة، وبعد اغتياله اتفق زعماء القبائل العربية على تولية أيوب بن حبيب اللخمي ابن أخت موسى بن نصير، وكان عاقلا مصلحا ، نقل العاصمة من إفريقية إلى قرطبة، ولم يلبث طويلا في ولايته حتى أقاله محمد بن يزيد الذي بعث به الخليفة إلى إفريقية بعد أن عزل عبد الله بن موسى بن نصير في سنة 97ه، فأرسل محمد بن يزيد حاكما جديدا على الأندلس هو الحر بن عبد الرحمن الثقفي، فسار نحو الشمال الذي كان مهددا، ووطد الحكم فيه، وسار حتى بلغ نهر الغارون في فرنسا، وسار بالبلاد أحسن سيرة إلى أن عزله الخليفة عمر بن عبد العزيز في سنة «100ه/719م» لقسوته، وولاها السمح بن مالك الخولاني، وقرر أن تكون الأندلس ولاية مستقلة عن إفريقية لأهميتها وسعة رقعتها، وأوصى السمح بحسن السيرة والعدل فلم يخلف ظنه، وخمس أراضي الأندلس التي فتحت عنوة؛ أي إنه مسحها، وقرر عليها الخراج بنسبة الخمس كما يقضي بذلك الدين، وبنى كثيرا من القناطر والجسور وأشهرها قنطرة قرطبة على نهر الوادي الكبير، وغزا بلاد الفرنج حتى بلغ طولوشة «طولوز»، فالتقى بجيش الدوق أودو ظاهر طولوشة، ونشبت بينهما معركة هائلة سقط السمح فيها قتيلا سنة «102ه/721م»، فاختار الجند أحدهم وهو عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي للقيادة العامة، فوطد الأمور حتى قدم عنبسة بن سحيم الكلبي، الذي سماه بشر بن صفوان الكلبي أمير إفريقية واليا على الأندلس في سنة «103ه/722م»، فنظم إدارة البلاد وأحسن إدارتها إلى أن مات في سنة «107ه/725م». وتوالى على الأندلس عدة ولاة إلى أن تولاها عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي في سنة «113ه/731م»، فأحسن السياسة والإدارة والحكم، وجمع جيشا عظيما سيره إلى فاليسيا (فرنسا) في سنة «114ه/732م»، فاحتل بلاد أراغبون وناقار وآرل، حتى وصل إلى نهر الغارون، ووصل إلى مدينة بردال (بوردو) فاستولى عليها، ثم زحف نحو «ليون» و«بيزانصون» و«صالصن» التي تبعد مائة ميل عن باريس، وسيطر على نصف بلاد غاليسيا (فرنسا) في بضعة أشهر، إلى أن كانت المعركة الحاسمة بين الإسلام والنصرانية بأوروبا سنة «114ه/732م» في السهل الواقع بين مدينتي «تور» و«بواتيه»، ولم يستطع المسلمون الوقوف أمام جحافل أوروبا بقيادة قارله «كارل مارتل»، فسقط عبد الرحمن الغافقي شهيدا في سنة «115ه/733م»، وفقد العرب سيادة العالم القديم، ولم يتح لهم النفاذ إلى قلب أوروبا بعد يوم «بلاط الشهداء»، وهو اليوم الذي قتل فيه الغافقي - رحمه الله - فلما بلغت أخبار ذلك اليوم المشئوم إلى دمشق تأثر الخليفة هشام بن عبد الملك، وعزم على أن يرسل إلى الأندلس خير قواده، ويعمل على توطيد أقدام الإسلام في هاتيك الديار، فأرسل عبد الملك بن قطن الفهري، وكان من خيرة القادة الحازمين؛ فوطد أقدام الدولة، وأخمد ثورات المناطق الشمالية، ثم خلعه عقبة بن الحجاج السلولي في سنة «116ه/734م»، وكان حازما حسن السيرة فقطع دابر الثوار، ونظم أمور الجيش، واسترد كثيرا من الأراضي الخاضعة لكارل مارتل، وأعاد ظل الإسلام عليها طول عهده إلى أن مات في سنة «122ه/739م»، فلما مات اضطربت البلاد، وثار البربر وخاشنوا العرب ، ووقعت فتن بينهم وبين العرب في الأندلس وإفريقية، وعزم الخليفة هشام على القضاء على هذه الفتن مهما كلفه الأمر، وكانت موقعة كبيرة بينهم وبين حنظلة بن صفوان الكلبي، والي إفريقية في سنة «125ه/742م»، ولم تنته هذه الاضطرابات إلا بانتهاء عهد الولاة، وتأسيس الملك الأموي في الأندلس.
الفصل الثاني
الدولة الأموية في الأندلس
فترة الإمارة
صفحه نامشخص