عصر انحلال: تاریخ امت عرب (جلد ششم)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
ژانرها
وكانت له معهم ومع أمرائهم أخبار وقصص تدل على الصداقة والمودة الصحيحة، وقد ضمن ذلك في كتابه «الاعتبار».
7 (3) الأخلاق
ضعف الوازع الديني هذه الفترة في الإمبراطورية الإسلامية لتكالب الناس على الدنيا، وتلبية الشهوات النفسية، وفشو الباطنية المشككين في الأديان الداعين إلى الانسلاخ من تعاليم الإسلام وشعائره، وقد رأينا طرفا من ذلك فيما مضى.
تجدر الإشارة ها هنا إلى أن وجود الملاحدة قد قوى من جانب آخر الروح الدينية عند جماعة من المسلمين حينما رأت فساد هؤلاء وبعدهم عن الدين، فازدادت تعلقا به، وغالت في عبادة الله والانصياع لأوامره وإقامة شعائره، وهم الصوفية والزهاد الذين قويت حركتهم في أواخر العصر العباسي، وبخاصة تحت ظل الخوارزمية والأتابكية. وكان على رأس هؤلاء المتصوفة جماعة منهم الشيخ عبد الكريم بن هوازن القشري 437ه/1045م (مؤلف الرسالة القشرية)، والإمام الغزالي، ومحيي الدين بن عربي، والجيلي، وابن الفارض، وسعدي، وحافظ الشيرازيان.
ومن مظاهر الأخلاق التي أراد المصلحون تقويمها بها «حركة الفتوة» التي رعاها الخليفة الناصر لدين الله وشجع عليها ووجه الشبان إليها ليتركوا حياة الترف والفساد، ويتمرنوا على جهاد النفس، وينخرطوا في فرق الجندية التي تقوي أجسادهم وتهيئهم للقاء العدو بعد تلك الميوعة والتخنث والفساد الذي صاروا إليه. (4) الملابس
كان من نتائج اتصال الشرق بالغرب بعد الحملات الصليبية أن تشبه الصليبيون بالمسلمين في ملابسهم، كما أن كثيرا منهم تزوجوا نصرانيات أرمنيات أو عربيات، ولا شك في أن ذلك البيت المختلط قد أصبح أثاثه ولباس أهله مختلطا كذلك، فقد أخذ الصليبيون عن المسلمين استعمال «الكوفية» ووضعوها حول القبعة القصيرة الجوانب وعمدوا إلى إطالة ملابسهم وتحليتها بالجواهر والأحجار الكريمة على عادات الشرقيين، وصاروا يلبسون «الكلوتة»، وهي نوع من ألبسة الرأس تشبه الطربوش ويؤثر عن «بلدوين» الأول (سنة 1110-1118م) أنه كان على الرغم من قرب عهده ببلاده كان يؤثر الألبسة الإسلامية،
8
وكانت السيدات الصليبيات يأخذن عن النساء المسلمات كثيرا من ألبستهن وأنماط زينتهن، فكن يطلن الثياب ويجرجرن أذيالهن، حتى إن بعض الأسر الصليبية صارت تفرض على بناتها إذا بلغن الحلم، أن يضربن بخمرهن على وجوههن، ويمنعنهن أن يخرجن سافرات، بل إنهم ما كانوا يسمحون لهم بالخروج من البيوت إلا للضرورة كالذهاب إلى الكنيسة والحمام، كما كان حال المسلمات اللواتي لم تكن تسمح لهم إلا بالذهاب إلى المساجد والحمامات. وربما نقل بعض الصليبيين عادات المسلمين إلى بلادهم؛ فقد روى المؤرخ روي
Rey : أن نساء الطبقة الوسطى من أهل البندقية كن يعشن عيشة شرقية خالصة، بل إنهن ما كان يسمح لهن بالخروج إلى الكنائس نظرا لوجودها ملحقة في قصورهن.
9
صفحه نامشخص