عصر الانبثاق: تاریخ امت عربی (جلد اول)
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
ژانرها
وقد كشفت التنقيبات عن حضارة عريقة لهؤلاء القوم، أول مظاهرها: كتابتهم، وتنظيمهم شئون الزراعة والتجارة والصناعة والحرب، والحياة الاجتماعية، وتقدم الفنون الجميلة، والمعارف العامة.
أما كتابتهم، فكانت تتألف من صور وعلامات خاصة عرفت بالكتابة المسمارية؛ لأن أحرفها تشبه شكل المسامير، وكانوا يكتبون هذه الصور والعلامات بقلم من القصب على قطع من الطين الطري الذي يجفف بالشمس أو بالنار، وتعود أقدم هذه الآثار المكتوبة بهذه اللغة إلى الألف الرابع قبل الميلاد، ولم تلبث هذه الكتابة التصويرية أن تحولت إلى كتابة صوتية في حضارة دولة «أوغاريت» التي اكتشفت آثارها مؤخرا قرب مدينة اللاذقية عند رأس الشمرة، وكان هذا التحول مقدمة لاختراع الفينيقيين حروف الكتابة التي نشروها في العالم المتمدن كله فيما بعد.
وأما تنظيم شئون الزراعة، فقد دل عليه عنايتهم بشئون الري، وتجفيف المستنقعات، وردم الأهوار، وإقامة السدود، واختراع الآلات المتقنة للحراثة، ومن بينها آلة تشق الأرض وتلقي البذور في آن واحد، كما أنهم اعتنوا بزراعة النخيل، وتنويعه، وتحسين أجناسه، وقد عثر على بعض الألواح السومرية التي تحض الناس على الاهتمام بتنظيم شئون الزراعة ووقاية المزروعات، والعناية بتحسين أنواعها وأجناسها.
وأما رقي الصناعة والتجارة عندهم، فيدل عليه ما اكتشف من الآثار المصنوعة من النحاس والذهب والفضة والبرونز، فقد صنعوا من هذه المعادن آلات الزراعة والحراثة، وأدوات المنازل والزينة، وعدد الحرب والقتال، وقد كان للسومريين علاقات تجارية واسعة مع سكان سائر العالم العربي والخارجي في الشام والجزيرة وشمال أفريقيا وآسيا الصغرى وبلاد فارس والهند.
وأما تفوقهم في فنون الحرب وصناعة القتال وتعبئة الجيوش، فيدل عليه ما عثر في مدنهم من آلات القتال المتقنة والخناجر والدروع، والرماح والسيوف والخوذ والتروس، وقد كشفت التنقيبات في مدينة «لكش» عن معلومات جد قديمة تتعلق بالأسلحة، وتنظيم حركات الجيوش، وحركات الكر والفر، وعربات القتال.
وأما تقدمهم في الحياة الاجتماعية، فيتجلى ذلك في تقسيم المجتمع عندهم إلى طبقات:
أعلاها:
طبقة الكهنة، ورجال الدين، وقادة الدولة، ورجال السياسة.
وثانيها:
طبقة كبار الموظفين، وعظماء الأحرار، وملاك الأرض، وأصحاب الأطيان.
صفحه نامشخص