عصر الانبثاق: تاریخ امت عربی (جلد اول)
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
ژانرها
صلى الله عليه وسلم
القضاء على التعصب القبلي الأعمى الذي كان يسيطر على الحياة الاجتماعية أملا في إيجاد وحدة أممية مشتركة بين المسلمين بقطع النظر عن مصلحة القبيلة أو العشيرة أو البطن أو الفخذ، قال تعالى:
إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض (سورة الأنفال: آية 72)، وقال:
فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين (سورة التوبة: آية 11)، وفي القرآن والحديث أقوال كثيرة تنهى المسلمين عن العودة إلى العصبية القبلية الجاهلية المقيتة، وقد استطاع الرسول وخلفاؤه الراشدون؛ وخصوصا أبا بكر وعمر أن يقصوا العرب عن هذه الروح، ولكن هذا لم يدم طويلا، فرجع الوضع إلى ما كان عليه في الجاهلية بعدهما.
كان العرب في الجاهلية يعتبرون القبيلة هي المرجع الأساسي الذي يرجعون إليه في الدفاع عن حقوقهم، والاستنصار على عدوهم، والتعاون على أعداء بني قبيلتهم سواء كان محقا أو مبطلا، ولم يكن الدين ليحول بين هذا التناصر، ولما قدم الرسول بدعوته نصره كثير من قرابته لا لأنهم آمنوا به وصدقوه في دعوته حقا بل انتصارا له؛ لأنه فرد من أفراد قبيلتهم، وبذلك استطاع أن يبقى في مكة على الرغم من شدة خصومه عليه، وكان شذوذ عم النبي
صلى الله عليه وسلم
عبد العزي الملقب بأبي لهب شذوذا فرديا، على أن ابن هاشم يروي أن أبا لهب قد ثارت عصبيته لأخيه أبي طالب، وهدد زعماء قريش بأنه سينضم إلى أخيه إذا هم لم يحترموا شيخوخته وجواره، وأنه جاء إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم
بعد موت أبي طالب، وقال له: امض لما أردت، وما كنت صانعا إذ كان أبو طالب حيا فاصنعه، وحلف له بأنه لا يوصل إليه حتى يموت،
31
صفحه نامشخص