تاریخ طب نزد ملتهای قدیم و جدید
تاريخ الطب عند الأمم القديمة والحديثة
ژانرها
فهو كالموميا إذا انكسر العظم
ومثل الترياق للملسوع
وكان يوضع في لفائف جثث الملوك حول العنق حجابان من خشب، (أحدهما) مطلي بالذهب وعلى أحد وجهيه صورة إزيس ونفتس وبينهما جعلان، و(الثاني) الذي يكون من ذهب نقي عليه نقوش ورسوم بلابل وحبوب، وصورة الملك ومعبوده، وأمام كل من الصورتين صورة اسم الملك، فعرفت من هذه الرموز جثة كل محنط مما ظهر للباحثين عند الحفر.
ولعلهم اتخذوا شجرة البلسم القديمة في مصر للتحنيط؛ لأنها عطرية تشفي الجروح وتمنع الفساد، وبقيت مكرمة عند المصريين إلى القرون المتأخرة، واشتهر المصريون بالكيميا لإعداد مواد التحنيط.
وكانوا يحتفلون للتحنيط احتفالات عظيمة، ويتولى ذلك الأطباء الذين هم من الكهنة القائمين بالخدمة الدينية، فأتقنوا ذلك كل الإتقان، حتى تفوقوا على غيرهم، وساعدهم على ذلك جفاف الهواء وانتظام الجو والاعتقاد الديني، فغصت المتاحف بمحنطاتهم المتقنة.
وكان المحنطون طائفة تتوارث الصناعة خلفا عن سلف، وطريقتهم فيها أنهم يقدمون إلى أهل الميت قائمة تبين طرق التحنيط المختلفة، ويسألونهم أن يختاروا إحداها، وبعد الاتفاق يأخذون الجثة إلى أناس خصصوهم لهذا العمل، فيتقدم أولا منهم الكاتب المسمى «غرامات» ويرقن على الخاصرة اليسرى محل الشق، ثم يتبعه الشارط المسمى «البراشيست»، فيشق المحل بحجر حبشي ويسرع هاربا؛ لأن الحاضرين يرمونه بالحجارة ويلعنونه لاقترافه هذه الجناية بتشويه الجثة، ثم يبادر المحنطون إلى الجثة ويدخل أحدهم كفه في البضع، وينزع الأحشاء المراد استخراجها، ويدفعها إلى آخر؛ ليغسلها بنبيذ الخل ونحوه من الأرواح العطرية والأدوية المطهرة ويعالجونها، إلى أن يتم تحنيطها فيردونها إلى أهلها محفوظة جيدا سليمة شعر الحاجبين، وأهداب العينين حافظة شيئا من منظرها الطبيعي.
أما شهيرات النساء فلا يسلمونهن للمحنطين على أثر موتهن، وكذلك الجميلات المنظر منهن كما يسلمونهم جثث الذكور، بل يبقونهن أربعة أيام في البيت ويسلمونهن للتحنيط، وذلك خوفا من ارتكاب الفحشاء بهن إذا جرى ذلك فتنبهوا إلى هذا.
ومن آثار براعتهم درج مصري في متحف برلين الألماني فيه رسالة «تشريح» من رسائل طبية كثيرة من تأليف أثوثيس بن مينا من ملوك الدولة الأولى المصرية، فهو إذن أقدم كتاب طبي عرف حتى الآن، ولا سيما أنه يدل على إتقان الملوك للطب والتشريح، فهو إذن أول كتاب جراحي في العالم، مع أن التشريح كان محظورا عندهم؛ لاحترامهم الأجساد احتراما دينيا يوجب حفظها سليمة.
وذكر ديوجنس أنهم كانوا يعتقدون أن الحيوانات مركبة من أربعة عناصر، وأن جسد الإنسان مركب من ستة وثلاثين عضوا، بقدر عدد القوات المستولية على الصحة والمرض .
وكتب هيرودتوس أن الطب كان يوزع على أطبائهم بحسب فروعه، فكان كل منهم اختصاصيا بفنه، وكان أكثر الأطباء رمديين لكثرة أمراض العيون كما مر، وكذلك أطباء الأسنان كثروا عندهم؛ لأنهم كانوا عرضة لنخر الأسنان من رطوبة المناخ.
صفحه نامشخص