تاریخ طب نزد ملتهای قدیم و جدید
تاريخ الطب عند الأمم القديمة والحديثة
ژانرها
يؤذي المريض ويفزع الأطفالا
ومن صفات الجراح أن يكون قوي القلب كثير الذكاء، وافر التدقيق شديد الانتباه، رشيق اليد سريع العمل مطلعا على أسرار الطب الحديث معتنيا بالنظافة الواجبة؛ لأن كلا من التطهير والتعقيم والتجريد لقتل الجراثيم ضروري، بل بمكان عظيم من الصناعة، فضلا عما يجب أن يقتني من الآلات الحديثة والأدوات المختلفة لإجراء العمليات على اختلاف أنواعها إلى كثير من الآداب.
ومن «آدابه الدرسية» أن يكثر من المطالعة ويقف على ما استحدث من المعالجات، وطرقها الفنية والتروي عند تدوين الصفة (الروشتة) للعلاج، واتخاذ أبسط العلاجات إذا لم يكن لمركباتها وأخلاطها شأن أهم، وأن يتمرن على ذلك بالمشاهدة والعمل.
وأن يوفق بين الإقليم والمزاج والعلة، وذلك باختبار البلاد وأمزجة سكانها ومعالجة أمراضهم على اختلافها بحسب الإقليم، فيستفرغ الدم حين الحاجة إلى استفراغه وإن لم تسمح له الكتب الحديثة بذلك؛ لأن لكل بلاد طبها ولكل داء دواءه، وهكذا الحال في المعالجات الأخرى، وضروب التفنن فيها في كثير من الأمراض العصبية والشئون الغريبة.
وإلى هذا ألفت أنظاركم أيها الأطباء الكرام والطلبة الأدباء، أن توفقوا بين علم الطب وطبيعة البلاد وأمزجة السكان؛ لأن الطب المبني على شئون البلاد الباردة هو غيره في الحارة، وهكذا الحال في البلدان المعتدلة والأقاليم المتلونة، فكان المتعلم للطب الإنكليزي أو الإفرنسي أو الأميركي مثلا يجد كل فن موافقا لأمزجة السكان، وحالة الأقاليم وتجارب الأطباء، ولكنه قد يخالف ما عند غيره من الأمم الأخرى سكان البلدان المختلفة.
وإذا تقصينا في البحث قليلا نجد أن الطب العربي يوافقنا من أكثر الوجوه؛ لأنه مبني على طبائع أمزجتنا وأقاليمنا، مفيد لنا في دفع الأمراض عنا، فيا ليت المجامع العلمية تعقد جلسات خاصة للأطباء؛ ليطالعوا قديم المؤلفات عندنا وكثير ما هي، ويستخرجوا من دفائنها ودقيق تجاربها ما يوافقنا مطبقا على العلاج العصري والآراء الحديثة.
وعلى الجملة فإن الأطباء تتفاوت درجات معارفهم في أقسام الطب وفروعه التي يزاولونها، فمنهم من ينبغ في طب العيون، فيكون فيه أحذق من العلاج الباطني، والآخر يكون اختصاصيا في الجراحة ومتفوقا في إجراء عملياتها، ولا بد له في معالجة الأمراض، فالاختصاص في هذه الصناعة جم المذهب كبير الفائدة، وأفضل ما يأخذ الطبيب به نفسه ألا يغرر في تعاطي ما لا براعة له فيه مقتصرا على الفرع الذي أتقنه، فلا يجني ضررا على أحد ولا يفقد ثقة الناس به؛ لأن الطبيب هو المؤتمن على نفس المريض، فعليه أن يبذل ما في وسعه لشفائه ليقول له مع العتابي الشاعر:
ما زلت في غمرات الموت منطرحا
يضيق عني وسيع الرأي من حيلي
فلم تزل دائبا تسعى بلطفك لي
صفحه نامشخص