تاریخ طب نزد ملتهای قدیم و جدید
تاريخ الطب عند الأمم القديمة والحديثة
ژانرها
كأن الدوا والداء بينهما ستر
ولو كان علم الطب للموت مانعا
لما مات بقراط ولا زيد أو عمرو
فأقتطف الآن من هذه المباحث بعض فقرات من كل فصل لإيقافكم على الطب اليوناني القديم، وكلها منقولة بالحرف من أربعمائة صفحة مخرومة الأول والآخر.
فمن تعليلات الإسكندر الأفروديسي قوله: «العلة» في أن الذين بهم وجه الرئة ترى وجنتهم حمراء للبخارات الحارة المرتفعة من الرئة، وإنما يتبين في الوجنتين؛ لأن جلدتهما رقيقة، «العلة» في أن الذين يدنون من أصحاب السل والجرب والأرماد تعدي هذه الأمراض إليهم، والذين يدنون إلى أصحاب السكتة والحمى لا تلحقهم ذلك؛ لأن الإعداء يتم بلطافة تبرز من المعدي وانطباع ما يقبل من القابل، فالعين للطافتها والجلدة لسهولة قبولها والصدر؛ لأنه يرسل هواء لطيفا ما يقع الإعداء من الأمراض المعدوة، فأما الاستسقاء والسكتة والحمى فهي في أعضاء باطنة وموادها غلاظ، فليس يكاد يعدي ...
ومن مسائل أرسطو المعروفة «بمابال» قوله: «والعلة» في أن الأزمان التي يعدم فيها المطر تكثر الأمراض التي من الامتلاء؛ لأن الأخلاط تنحصر داخل البدن وتجف وتمتد وتؤذي بكميتها وكيفيتها، و«العلة» في أن الأمراض القتالة تعدي من صاحبها إلى من قرب منه؛ لأنها تكون من وباء الهواء، والهواء مشترك بين الإنسان والقرب منه، فإن كانت أخلاطه ردية متهيئة، فقد وجدت مادة موافقة أولا وإن كان تدبيره صحيحا، فإنه بالهواء العفن الذي يستنشقه من نفس العليل ويصل إلى قلبه، وهو أشرف عضو في البدن، تفسد به وأخلاطه (أي: وبأخلاطه)، «والعلة» في أن الشمس إذا رقت بخارات كثيرة من الأرض تكون تلك السنة ممرضة؛ لأن الهواء يرطب كثيرا وتكثر الأمطار وتمتلئ الأبدان رطوبات، فإذا عفنت بحرارة الصيف ولدت الأمراض العفنية؛ ولهذا السبب سار ظهور الضفادع الصغار يدل على مرض تلك السنة؛ لأن الضفادع تدل على ندرات السنة، «والعلة» في أن الذين يشربون إذا شربوا بين الدور والدور خمرا أخرى حلوة الطعم، وأكلوا شيئا حلوا كالأخبصة وتحشوا حساء يكون سكرهم ضعيفا؛ لأن هذه الأشياء لغلظها تمنع الخمرة من الاستحالة إلى البخارات والصعود إلى الدماغ بسرعة.
ومن مقالات الشعر وهي مجهولة المؤلف قوله: «العلة» في الشيب غلبة البلغم على البدن، فالبخار المتولد يكون لونه مناسبا للون المادة التي تتولد منها؛ ولهذا يكون شعر الصبيان يميل إلى الشقرة؛ لغلبة الدم عليهم والشباب إلى السواد لغلبة الاحتراق عليهم، والشيوخ إلى الاصفرار لغلبة البلغم عليهم. (انتهى ما أنقله الآن تفكهة للمطالعين).
قلت: وهذه العلة الأخيرة تذكرني بقول الشاعر العربي:
سألت من الأطبا ذات يوم
طبيبا عن مشيبي قال: بلغم
صفحه نامشخص