تاریخ طب نزد ملتهای قدیم و جدید
تاريخ الطب عند الأمم القديمة والحديثة
ژانرها
يقسم تاريخ الطب إلى أدوار بحسب تاريخها عند الأمم القديمة، أفصلها بابا بابا بما يحتمله المقام، راجيا العفو عن الخطأ، فإن العصمة لله - سبحانه وتعالى - وهو حسبي وإليه أنيب ... (1) الطب عند المصريين
يعد المصريون من أقدم الأطباء؛ لأن اعتقادهم ببقاء الأجسام وإعادة الأرواح إليها حملهم على حفظ جثث الموتى، فأوجدوا «التحنيط» الذي فاقوا فيه سواهم من الأمم، وفي سفر التكوين إشارة إلى تحنيط جسد «يعقوب» بأمر ابنه يوسف وزير ملك مصر، فكان كهنتهم في هياكلهم أطباء، وفي الآثار القديمة صور أقدم جراحيهم من الكهنة يفصدون ويبضعون، ويكوون في نقرة القفا والصدغين والصدر استشفاء من بعض الأمراض، وقد كتبت أسرار صناعتهم على جدران هياكلهم بلغتهم الهيروغليفية (المقدسة)، وكلها تدل على مهارتهم في الطب والجراحة، وكان ثلث دخل البلاد مخصصا لكهنتهم الأطباء.
وهم يزعمون أن واضع علم الطب عندهم هو «ثوث» المعروف بهرمس، وقد ألف لهم 42 كتابا مقدسا منها الستة الأخيرة في هذا الفن، وقد ضمنها أبحاثا في تركيب الإنسان وأعضائه، ولا سيما العينين لكثرة الحاجة إلى تطبيبهما، لما يعرو آلات البصر في بلادهم من الأمراض العضالة والرمد للرطوبة والحر المتعاقبين، ووصف آلات جراحية تتخذ في أمراض النساء وتوليدهن، وذكر العوارض الناشئة عن هذه الأمراض.
وبرع المصريون في طب الأسنان، كما يظهر من المحنطات وهياكل عظام الفكين، التي ظهرت في أضرحتهم وفيها أسنان ذهبية، وكان كهنتهم يحلقون شعر بدنهم كل ثلاثة أيام وقاية من انتقال القمل والحشرات من المرضى إليهم، وكانوا يلبسون عند التطبيب جبة بيضاء، ويتقاضون أغرب أجرة عن عملهم، وهي أنهم يحلقون شعر المريض بعد شفائه، ويأخذون ثقله فضة.
واعتقد المصريون أن المعرقات والمقيآت والحقن من مقصيات الأمراض عنهم؛ فلذلك أكثروا من تناولها في مواعيد قريبة حتى كانت عبارة السلام عندهم، أن يقول أحدهم لصاحبه: «كيف عرقك؟» كما يقول أحدنا لمن يلتقي به: «كيف حالك؟» أو «كيف صحتك؟» وذلك لاعتقادهم أن أكثر العلل ناشئ عن الطعام وأخلاطه.
وذكر أرسطو أن شريعة المصريين كانت تحظر على الأطباء تحريك الأخلاط قبل اليوم الرابع، فإذا خالفوها ومات المريض عوقبوا بالموت قصاصا لهم.
وكانت تكثر عندهم أمراض الجلد وأدواء العينين، فعرفوا كثيرا من الفنون الطبية، ولكن اعتمادهم على أن الطب من علم العبادات وعلى السحر والكهانة والتنجيم والرقى أضعف التفنن في الطب عندهم، ولقد عالجوا ببعض العقاقير منها معالجة الجنون بالخريق، واتخذوا نبيذ الخل ولبن النساء علاجا، وركبوا دواء عرف عندهم باسم «دواء الغضب والغم»، وكانوا يعتمدون على الصلاة للآلهة عند التطبيب، والمريض يفعل ذلك عند تناول العلاج. وعرفوا فن الرياضة البدنية، حتى قال هيرودوتوس: إن المصريين كانوا بصحة المزاج ثاني الليبيين.
وأما طرق التحنيط عندهم فمع خفاء أسرارها اكتشفت بعضها بمباحث العلماء، وأشهر ما عرفوه منها عنهم كان يقوم بثلاثة أنواع:
أولها وأهمها: طريقة الأغنياء، وهي شق الخاصرة اليسرى تحت القصيري - أي: آخر الأضلاع السفلية - ونزع الرئتين والأحشاء من ذلك الشق، ما عدا القلب والكليتين؛ لأنهما من أسباب الحياة الأولية، وذلك الشق كان يجرى بصوانة أو ظرانة حادة تسمى «الحجر الإثيوبي» أي: الحبشي.
ثم نزع الدماغ من المنخرين بأداة عقفاء، وغسل المحال المذكورة بخمر البلح وحشوها بالراتينج والأقاقية والمواد الأخرى، ثم أن يخاط ذلك الشق وتنقع الجثة المحنطة سبعين يوما في النطرون (ملح البارود)، وتدرج بالكتان أي: تلف لفا محكما، ويوضع في ثنايا اللفائف حلي وجواهر وحجارة كريمة ونبذ من «كتاب الموتى» المشهور عندهم، ثم تسجى في تابوت وتلحد في المدافن المحاذية لتلال ليبية على عدوة النيل الغربية حيث تغرب الشمس.
صفحه نامشخص