حينما يعدو شخص وينبض عرق ولا يزن شيئا ، وترى ثمرة العطية خطيئة والمنحة محنة والعناية جناية تصبح المنية هنيئة ويعلم بحق أنه :
إذا الجد لم يسعد فجد الفتى تعب
وأبطل شىء سعى من جد فى الطلب
وانطوى هذا الضعيف ليل نهار مدة شهرين على هذه الحادثة فى مدينة" الرى" ، وكان يرسل ماء العبرات من خلال غربال العين المملوءة بالحسرات ، ومع هذه الحالة لم يجد تدبيرا سوى تهدئة نفسه بمطالعة الكتب ، وسئل أحد الملوك ما منتهى غايتك؟ فقال :
«حبيب أنظر إليه وكتاب أنظر فيه» ، والحق أن تسكين قلب هذا المسكين كان يتحقق بمطالعة أخبار وآثار القرون السالفة والملوك الغابرة والوقائع والأحداث وتبلج العجائب وفداحة المصائب التى كانت فى أيام كل واحد ، فقلت لنفسى :
فإن الأولى باللطف من آل هاشم
تأسوا فسنوا للكرام التأسيا (2)
حتى عثرت ذات يوم فى دار مكتبة الملك الغازى" رستم بن على بن شهريار" فى ثنايا الكتب على عدة أجزاء مكتوبة فى ذكر" كاوباره" فتذكرت أن الملك السعيد" حسام الدولة أردشير" جعلت الجنة مثواه كان قد سألنى عدة مرات : إن" كاوباره" كان قد لقب ملكا على" طبرستان" لفترة ما ، فهل مر بك فى أى موضع فى الكتب العربية والفارسية من أى رهط وقبيلة كان" كاوباره" ، والآن قلبى معمور بالولاء له وحالى مغمور بأفضاله ولم أكن قد سمعت هذا اللقب فى كل هذه الديار وسائر البلاد والأمصار التى طفت بها سوى ما جرى من لفظ الملك الذى ينثر الجوهر ، ولم يكن هناك مصدر آخر فى تاريخ" طبرستان" سوى كتاب" باوند نامه" والذى كان قد جمع من أكاذيب وترهات أهل القرى وأفواه عوام الناس فى عهد حسام الدولة" شهريار بن قارن" فأخذت تلك الأجزاء بتلك الفكرة وانشغلت بمطالعتها فإذا هى" عقد
صفحه ۲۲