فتحالفوا فسموا تنوخا، وذلك في أيام ملوك الطوائف، فنظروا إلى العراق وعليها طائفة من ملوكها وهي شاغرة، فخرجوا عن البحرين وسارت الازد إلى العراق مع مالك بن فهم الازدي، ثم سارت قضاعة إلى الشام مع مالك بن فهم القضاعي، فملك القضاعيون طائفة من الشام ثمت سليخ بن حلوان في قضاعة فصار الملك فيها، ثم منها في الضجاعمة فبقي الملك فيهم إلى أن غلب على الملك بنو جفنة مالك بن فهم، وتملك على تنوخ العراق مالك بن فهم في زمان ملوك الطوائف، وكان منزله بالانبار، فبقي بها إلى أن رماه سليمة بن مالك رمية بالنبل وهو لا يعرفه فلما علم أن سليمة راميه قال شعرا:
جزاني لا جزاه الله خيرا ... سليمة إنه شرا جزاني
أعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رماني
فلما قال هذين البيتين فاظ وهرب سليمة إلى عمان فعقبه نعمان جذيمة بن مالك بن فهم. ثم ملك إبنه جذيمة بن مالك بن فهم، وكان ثاقب الرأى بعيد المغار شديد النكاية ظاهر الحزم، وهو أول من غزا بالجيوش. فشن الغارات على قبائل العرب وكان به برص فاكبرته العرب على أن تنعته اعظاما، فسمته جذيمة الابرش وجذيمة الوضاح، واستولى من السواد إلى ما بين الحيرة والانبار ورقة وعين التمر والقطقطانة وسائر القرى المجاورة لبادية العرب، فكان يجبي أموالها وغزا طسما وجديسا في منازلها من جو اليمامة وما حولها، فصادف خيل حسان بن تبع قد أغارت عليها، فانكفى راجعا بمن معه فتبعه كردوس من خيل حسان، فوقعوا على سرية كانت له فاجتاحوها وفي مغازي جذيمة غاراته على قبائل العرب شعر:
اضحى جذيمة في يبرين منزله ... قد حاز ما جمعت في عصرها عاد
فطال عمره إلى أن لحق ملك شابور بن أشك الاشغاني. وكان جذيمة ملك معد وبعض اليمن، ولم يلد له غير زينب بنت جذيمة، وهي أم مرتع، وهو إسمه عمرو بن معاوية بن كندة فغزا في آخر عمره الشام، فقتل عمرو بن طرب بن حسان بن اذينة ملك العمالقة والد الزباء، فانطوت له الزباء على طلب الثأر حتى قتلته؛ وأذينة هو الذي يقول فيه الأعشى شعرا:
صفحه ۷۵