وتختلف مواضيع الصحف باختلاف غايات أصحابها ونزعاتهم ومشاربهم، فتارة تكون دينية وطورا سياسية وحينا أدبية، وقس عليها العلمية والفنية والانتقادية والروائية والهزلية والتهذيبية والإخبارية والعمرانية والقضائية والأخلاقية والتاريخية وغيرها. ولكل من هذه التقاسيم الكبرى فروع بل فروع فروع يطول بنا شرحها لكثرتها فنضرب عنها صفحا. وقد أصاب الدكتور شبلي شميل فيما كتبه بهذا المعنى قال:
4 «الصحف أنواع بقدر المواضيع التي تتناولها معارف البشر، وربما قصروها على فرع من علم، بل على مبحث من فرع؛ استيفاء للبحث، وساعدهم على ذلك كثرة خاصتهم وحب عامتهم لرفع شأن العلم ... بحيث لم تنقصهم في سبيلها النفقات التي هي لحياة الصحف كالغذاء لحياة الأبدان، فتكاثر عددها عندهم جدا، حتى صارت فوائد العلم بها قريبة المنال عامة العرفان في كل مكان؛ إذ ليس للعلم وطن يؤثره على وطن.»
ولما كانت الصحف تصدر في آجال معلومة فقد سماها الإفرنج «الصحف الدورية» أو «الصحف الموقوتة» أعني
؛ لأنها تنشر شهرية أو أسبوعية أو يومية، بل منها أيضا ما يصدر مرتين في الشهر أو الأسبوع أو اليوم أو غير ذلك من المواعيد.
الفصل الثاني
تعريف الصحافة من أقوال مشاهير
الملوك والكتاب والصحافيين
تحت هذا العنوان نورد ما قاله أعاظم مشاهير الأرض وأفاضل حملة الأقلام عند أكثر القبائل العربية وغيرها في تعريف الصحافة. وهي مجموعة نفيسة من الأقوال السامية الدالة على شرف هذه المهنة التي تحسب بلا مراء أعظم قوة في دولة القلم؛ فيرى القارئ مرآة تنعكس فيها أفكار أرباب الدين والشرع والسيف والسياسة والعلم والأدب بمظهر حسن ترتاح إليه القلوب، وتهتدي بنبراسه عقول الكتاب. وقد اقتطفناها من مصادرها المختلفة بعد البحث الطويل؛ لأننا رأيناها جامعة بين اللذة والفائدة، بل جديرة بأن تدون في بطون التاريخ؛ فعسى أن يتخذها الصحافيون الصادقون قاعدة لمصلحتهم التي تعلو على كل مصلحة، ويبتروا لسان المتطفلين على هذه المهنة الجليلة صونا لكرامتها وخدمة للحق. وقد سردنا أولا أقوال مشاهير الأرض، ثم ألحقناها بأقوال حملة الأقلام مرتبة على حروف الهجاء لأسماء أصحابها:
قال البابا لاون الثالث عشر: «الصحف رسالة خالدة.»
وقال الإمبراطور نابليون الأول: «الصحافة ركن من أعظم الأركان التي تشيد عليها دعائم الحضارة والعمران.»
صفحه نامشخص