فجلسنا حوله مع الفقراء، ولم يطعمني فقلت: ما تطعمني؟ فقال: أنت أكلت نصيبك بدمشق ليلة كذا، ثم ودعهم وتوجه إلى اليمن.
ورأى بعض الصالحين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله ما تقول في الشيخ حازم؟ قال: ينطق بالحكمة، فقال: ما تقول في الشيخ فرج؟ فقال: من أولياء الله.
ولما جرى لي مع طشتمر ما جرى من خطابة القلعة، قيل له: خاطرك مع فلان، فقال:
خاطر الفقراء معه، وساعدوه في الباطن والظاهر، فما تم كلامه حتى جاءه إنسان من جهتي وأخبره باستقراري في الخطابة، فسجد شكرا وحمدا لله عز وجل.
ورأيت في منامي وأنا شاب كأني بالجامع الكبير بصفد، وكان يوم الجمعة، وإذا بالشيخ فرج طلع يخطب، فقلت في نفسي: هذه الخطابة لنا:
فكيف يخطب الشيخ، وإذا به قد نظر إلي، ثم نزل من المنبر وجاء حتى وقف على رأسي، وأمسك بيدي، ورفعني على المنبر، وقال: اخطب، ثم تيقظت ومضى نحو ثلاثين سنة، وكنت قد استقريت بخطابة الجامع الكبير، مكان ابن عمي كمال الدين، ثم سعى فيها ذلك الذي كان سعى عند طشتمر في خطابة القلعة سرا، لما ولوني القضاء، ووعد بذهب كثير، عملوا حيلة، وقيل للنائب: هذا باتفاق القاضي، فلما جاء توقيعه من مصر، اجتمعت بالنائب، وقلت: هذا ما يحل، أنا ما أخرج عن الخطابة، وخذوا وظيفتكم، فاعتذر وحلف، وقال: طول روحك، فلما كان بعد مدة رأيت كأني دخلت الجامع، وكان يوم جمعة، وإذا بإنسان قد وقف بالجامع، ومسك بكتفي وقال: يا جماعة، النبي، (صلى الله عليه وسلم) قد أعاده إلى وظيفته، ورده إلى منبره، ثم ألبسوني خلعة أهبة الخطابة، فقرأت وخطبت، ثم وقع أنه الشيخ فرج، فما مضى مدة يسيرة إلا من الله عز
صفحه ۱۶۶