تاريخ القرصنة في العالم
تاريخ القرصنة في العالم
ژانرها
صاح سالم محتجا لا رعبا وإنما دهشة: ما معنى هذا يا عروج؟ ... اتركني ... هل اختل عقلك؟!
لكن القرصان لم تكن لديه أدنى رغبة في إطلاق سراح ضحيته. لقد خنقه، وصار منذ ذلك اليوم نفسه حاكما للجزائر، وأعطى لنفسه اسم بارباروسا.
مثل هذا التطور للأحداث كان كفيلا بأن يثير القلق والاضطراب في نفس عاهل إسبانيا الجديد - الإمبراطور كارل الخامس - الذي نظم عددا من الحملات تأرجحت نتائجها بين النجاح والفشل ضد دولة القراصنة البربر، على أنه لم ينجح تماما في أن يكسر شوكتها.
إبان واحدة من هذه الحملات، نجح الماركيز دي كوماريس في الاستيلاء على مدينة الجزائر، مستغلا الانتفاضة التي هبت فيها ضد مغتصب الحكم الجديد، وقبل مغادرته للمدينة قال بارباروسا لأخيه: الآن يتعين عليك أن تعمل بمفردك! حاول أن تصل بالسفن إلى أي مكان آمن، أما أنا فسأجد لنفسي مخرجا، فإذا ما نجحت في الوقت المناسب في الحصول على مساعدة، فسآتي لإنقاذك.
كان بارباروسا يضع في اعتباره في هذه اللحظة سلطان المغرب، وإن كان في الوقت نفسه لا يثق ثقة مطلقة.
أدرك بارباروسا في تلمسان - إلى حيث انسحب - أن قواته البالغ عددها ألفا وخمسمائة من القراصنة المخلصين، ليست كافية لمواجهة جبروت السلاح الذي يملكه الإمبراطور. كانت هزائمه السابقة وخبرته القتالية في حروبه ضد الإسبان، قد لقنتاه درسا كبيرا في أن الجرأة والوقاحة اللتين ساعدتاه في إحراز النصر كثيرا في البحر، لا يمكنهما أن يكونا سببا للوصول لنفس هذه النتيجة على البر؛ ولهذا قرر العدول عن المقاومة إلى الانسحاب.
على أن الدوريات التي أرسلها قد أخبرته بسرعة اقتراب العدو. لقد جاء الجنود الإسبانيون، الذين فتنتهم الأحلام بغنائم طائلة، من جراء الإشاعات التي انتشرت بينهم عن الكنوز الخرافية، التي حملها معهم القراصنة من الجزائر، ليقتفوا أثر بارباروسا حتى نهر سالادو نفسه. نجح عروج في اجتياز النهر إلى الجانب الآخر، ومن هناك أخذ في مراقبة المعركة اليائسة التي كانت مؤخرة جيشه تخوضها بهدف تغطية انسحابه. على أن تأثره البالغ بالبطولة والإخلاص اللذين أبداهما رفاقه دفعاه للإسراع عائدا من جديد ومعه معيته ليعبر النهر. انضم بارباروسا إلى المدافعين عن رأس الجسر، وكان يدرك جيدا أن الوضع بأكمله ميئوس منه، وبعد بضع ساعات؛ إذا بالمنتصرين الإسبان يكتشفون فوق أرض المعركة جثة بارباروسا وقد تشوه تماما!
خير الدين أو بارباروسا الثاني
ورث خير الدين عن أخيه أسطولا ضخما يبلغ قوامة طاقمه بضعة آلاف من القراصنة، علاوة على اسم بارباروسا، والطموح إلى فرض سلطانه على الجزائر. لم يكن بارباروسا الشاب أقل طموحا من أخيه، أضف إلى ذلك أنه كان أكثر ذكاء وأكثر حنكة في المسائل التنظيمية والسياسية.
لقد أدرك خير الدين أن الإرث الذي آل إليه بعد أخيه - الذي لم يقدر قوة الإسبان تقديرا صحيحا - قد وصل إلى حالة من الانهيار التام. على أنه قرر - وقد امتلأ ثقة في قوته وقدراته الشخصية - أن يدخل في معركة غير متكافئة. كان أمام خير الدين طريقان ؛ إما أن يعلن نفسه وريثا للأمير ويواصل أعمال القرصنة. وإما أن يسعى لبناء ما ورثه عن أخيه معتمدا على حليف قوي ما يستطيع بمساعدته أن يواجه عدوه. اختار خير الدين الطريق الثانية، وأصبح منذ عام 1518م تابعا للباب العالي،
صفحه نامشخص