تاريخ القرصنة في العالم
تاريخ القرصنة في العالم
ژانرها
بعد أن تجاوز ماينورانج جبل طارق، اتجه صوب بحر مرمرة، حيث وكر القرصنة الواقع على الشاطئ الشمالي للقارة الأفريقية. هناك جرى استقباله بكل حفاوة وترحاب تبعا لقواعد التضامن الدولي للقراصنة، أما رجاله الذين أدار رءوسهم النجاح لأول مرة؛ فقد خضعوا لرئيسهم خضوعا مطلقا، ما إن وصل ماينورانج إلى مرمرة حتى أعلن قائلا: من الآن فصاعدا سوف نعتبر كل سفينة إسبانية بمثابة غنيمة ممكنة، ولكن عليكم أن تتذكروا أن السفن الإنجليزية محرمة علينا.
وعلى أساس هذا الاتفاق انطلق ليبدأ رحلة القنص، رافعا فوق صاري سفينته راية سوداء صورت عليها جمجمة أسفلها عظمتان متقاطعتان، وهو أمر كان متبعا بين القراصنة في ذلك الزمان.
تمكن ماينورانج على مدى الأشهر الستة الأولى من نشاطه، من الاستيلاء على عدد لا بأس به من السفن الإسبانية، أراد أن يكون منها أسطولا ضخما للقرصنة. وخلال فترة قصيرة بلغ من الجبروت والمنعة، ما شجعه على فرض الحظر على قراصنة البربر من الهجوم على السفن الإنجليزية. أما الأمر المدهش حقا فهو أن البربر حافظوا بكل حرص على هذا الخطر، وسرعان ما ذاع في إنجلترا نبأ أن سفنهم تتمتع بحماية القراصنة الإنجليز بطول الساحل الشمالي لأفريقيا، أضف إلى هذا أن الإنجليز قد علموا أن قراصنة بلادهم قد أعلنوها حربا لا هوادة فيها ضد الإسبان، أعظم أعداء ألبيون في هذا العصر، كانت النتيجة أن أصبح اسم ماينورانج اسما ذائعا بين جماهير المجتمع الإنجليزي العريضة.
بناء على كل ما تقدم كان لدى الملك فيليب الثالث ملك إسبانيا المبرر لأن يضمر كراهية عميقة للقراصنة، على أنه أدرك أن لن يتمكن من الصمود أمام اللصوص في معركة مكشوفة؛ ولهذا - وباعتباره سياسيا بعيد النظر - أرسل إلى ماينورانج رسولا للتفاوض مقترحا عليه مبالغ طائلة ومنصبا رفيعا، حال انتقاله للعمل في خدمة البلاط الإسباني. الواقع أن مثل هذه الاقتراحات لم تكن تشكل صدمة لأحد في ذلك الزمن. المسألة أن خريج أكسفورد الشاب كان قد حقق من الثروة قدرا هائلا، كما أنه كان قد رفض لتوه عرضا مماثلا جاءه من باي
43
تونس.
بحلول عام 1614م الذي أتم ماينورانج ستة وعشرين عاما من عمره، كان قد شعر بالملل من كثرة القتال مع الإسبان في البحر الأبيض المتوسط؛ فأقل رفاقه فوق ثمان من أفضل سفنه، واتجه بهم إلى نيوفاوندلاند،
44
في نيوفاوندلاند كان ماينورانج يتصرف كما لو كان حاكما إقطاعيا، فقد أجبر كل الموانئ المحلية والمدن على أن يقدموا له ما يلزمه من غذاء وملابس وأسلحة وذخائر، مشيعا الرعب في نفوس السكان.
لم يكتف ماينورانج بذلك، بل إنه راح يفرض سلطانه على صيادي الأسماك أيضا، مصادرا ما يصل إلى أربعة أخماس ما يحصلون عليه من صيد، وفي محاولة لتجنب هذا العبء الثقيل، سعى كثير من الصيادين من أهالي نيوفاوندلاند للعمل في عصابة القرصنة تحت إمرة ماينورانج. على أن الرجل لم تكن به رغبة في فقد مصدر دخله، فكان يقبل واحدا فقط من كل ستة منهم، وبشرط أن يكونوا من أفضل العناصر.
صفحه نامشخص